في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه » (١).
والحكم بتحريم اللحم يدلّ على عدم تحقّق الذكاة ، وذلك يقتضي الحكم بموته حتف أنفه ، والنجاسة لازمة له.
والجواب : المنع من دلالة حرمة اللحم على عدم تحقّق الذكاة وإنّما يدلّ على ذلك لو كان الحكم بالتحريم موقوفا عليه ، وهو في حيّز المنع أيضا ؛ لجواز استناده إلى جهالة الحال وحصول الاشتباه ؛ فإنّ التحريم حينئذ هو مقتضى الأصل لاشتراط الحلّ بأمر وجوديّ. ولا ريب أنّ الأصل في مثله العدم فيعمل بكلّ من أصلي طهارة الماء وحرمة اللحم.
وما يقال : من أنّ العمل بالأصلين إنّما يصحّ مع إمكانه وهو منتف ؛ لأنّه كما يستحيل اجتماع الشيء مع نقيضه كذلك يستحيل اجتماعه مع نقيض لازمه. وموت الحيوان يستلزم نجاسة الماء فلا يجامع الحكم بطهارته كما لا يجامع تذكيته.
فجوابه : أنّ عدم الإمكان إنّما يتحقّق إذا جعل التحريم مستندا إلى العلم بعدم التذكية الذي هو عبارة عن موته حتف أنفه لا إذا جعل مسبّبا عن عدم العلم بالتذكية. والحكم بطهارة الماء إنّما يتوقّف على عدم العلم بوجود النجاسة لا على العلم بعدمها ؛ إذ الشكّ في نجاسة الواقع لا يقتضي نجاسة الماء قطعا كما بيّناه.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٩ : ٥٢ ، الحديث ٢١٦ ، باب الصيد.