بيد ابن زياد أن يعهد بوصيته إليه فامتنع من اجابته تقربا لسيده ابن مرجانة ولم يستجب له حتى سمح له بذلك ولما عهد إليه مسلم بوصيته سرا انبرى مسرعا الى ابن زياد فاخبره بما أوصى به مسلم فأنكر عليه ابن زياد ذلك وقال : «لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن»
ومن خسة طبعه أنه لما قتل الحسين (ع) عمد إلى سلب درعه فلبسها ولو كانت عنده صبابة من الشرف والنبل لما قدم على سلب ريحانة رسول اللّه (ص) فقد فتح بذلك باب النهب للجفاة من جيشه فعمدوا إلى سلب حرائر النبوة حتى لم يتركوا عليهن ملحفة ولا ازارا إلا سلبوه.
ولم تكن عند ابن سعد أية مسكة من البسالة والشجاعة ، وانما كان جبانا خائر العزيمة ضعيف النفس ، ولما ظهر أمر التوابين داخله خوف شديد فكان لا ينام في داره ، وانما ينام في قصر الامارة لتحرسه جنود القصر ، وهو وجل القلب ينفق الليل ساهرا من شدة الوجل والرعب ، ولما هجمت عليه شرطة المختار قام مرعوبا من فراشه ، ولكثرة ما داخله من الفزع عثر قبل أن يأخذ لامة حربه فقتلته الشرطة وهو على فراشه وقد استجيبت بذلك دعوة الامام الحسين ان يذبحه اللّه على فراشه. ، ومن الغريب ان خير الدين الزركلي وصفه بأنه من القادة الشجعان (١) ولو كان شجاعا ـ كما يقول الزركلي ـ لما ترك أهله ولجأ إلى قصر الامارة يطارد الرعب والفزع.
__________________
(١) الاعلام ٥ / ٢٠٥