يثرب فحاصروا عثمان واجهزوا عليه ، وقاموا بترشيح الامام للخلافة ، وقد غرست بذرة التشيع في الكوفة منذ خلافة عمر ، فقد كان من ولاتها عمار بن ياسر وعبد اللّه بن مسعود ، فأخذا يشيعان في اوساطها مآثر الامام وفضائله ، وما أثر عن النبي (ص) في حقه حتى تغدوا على حبه والولاء له ، وقد خاض الكوفيون حرب الجمل وصفين مع الامام وكانوا يقولون له : سر بنا يا أمير المؤمنين حيث أحببت فنحن حزبك وانصارك نعادي من عاداك «ونشايع من أناب إليك واطاعك» (١) وكان الامام أمير المؤمنين يثني عليهم ثناء عاطرا فيرى أنهم أنصاره وأعوانه المخلصون له يقول لهم : «يا أهل الكوفة أنتم اخواني وأنصاري وأعواني على الحق ومجيبي إلى جهاد المحلين ، بكم أضرب المدبر ، وارجو اتمام طاعة المقبل» (٢) ويقول (ع) : «الكوفة كنز الايمان ، وجمجمة الاسلام ، وسيف اللّه ورمحه يضعه حيث يشاء» (٣).
وقد خاض العراق أعنف المعارك وأشدها ضراوة من أجل أهل البيت فانتقم من قتلتهم وأخذ بثأرهم على يد الثائر العظيم المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، لقد كان اختيار للامام للهجرة إلى الكوفة ناشئا عما عرف به أهل هذه المدينة من الولاء العميق لأهل البيت.
ثالثا ـ ان الكوفة كانت المقر الرئيسي لمعارضة الحكم الأموي ، فقد كان الكوفيون طوال فترة حكم الأمويين لم يكفوا عن معارضتهم ، ويتمنون زوال دولتهم ، ويعزو فلهوزن سبب بغض الكوفيون للأمويين إلى أن الخلافة قد انتقلت من الكوفة إلى دمشق ، وانهم ـ بعد أن كانوا
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ / ٢٣١
(٢) الامامة والسياسة ١ / ٢٣٠
(٣) مختصر البلدان لابن الفقيه (ص ١٦٣)