والظاهرة البارزة في ذلك الجيش فقدانه لارادته واختياره ، فقد كان اكثرهم ـ فيما يقول المؤرخون ـ قلوبهم مع الامام ، وسيوفهم مشهورة عليه ، لقد خفوا الى حرب من يعتقدون بعدالة قضيته ، وانه وحده الذي يحقق أهدافهم وما يصبون إليه ، ولو كان عندهم ذرة من الشعور والاحساس لفدوه بارواحهم ، ونفوسهم ، وما خانوه بعد ما عاهدوا اللّه في نصرته والذب عنه.
واستوعبت الحيرة وخيانة النفس نفوس الكثيرين من المعسكر الأموي فقد كانوا على يقين أنهم على مزلقة الباطل ، وان الحسين وأصحابه على جادة الحق ، وقد أدلى شبث بن ربعي ، وهو احد زعماء ذلك الجيش ، ومن اركانه القياديين بهذه الظاهرة يقول :
«قاتلنا مع علي بن أبي طالب ، ومع ابنه الحسن من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ولده وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية ، ضلال يا لك من ضلال!! واللّه لا يعطي اللّه اهل هذا المصر خيرا ابدا ، ولا يسددهم لرشد».
وكشفت هذه الكلمات عن مدى القلق النفسي الذي كان يساور شبث بن ربعي ، ولا شك ان هناك المئات من أمثاله ممن كانوا يجدون في قرارة نفوسهم تأنيبا حادا على حربهم لريحانة رسول اللّه (ص) كما أن الكثيرين منهم كانوا يحجمون من الدخول في عمليات الحرب ، وقد لمس