ذلك فيهم عمرو بن الحجاج فاندفع يقول لهم :
«لا ترتابوا في قتال من مرق من الدين»
ومن مظاهر تلك الحيرة انه لم يؤثر عن أحد انه انشد رجزا (١) اشاد فيه بالغاية التي كان ينشدها ويقاتل من اجلها الامام ، فقد كمت الأفواه واخرست الألسن ، وانما كان الرجز من اصحاب الامام الحسين وأهل بيته فقد مثل اهدافهم ومبادئهم التي استشهدوا من أجلها ... لقد كان الرجز هو النشيد العسكري السائد في تلك العصور فيه يتغنى المقاتلون في اثناء الحرب ، ويفتخرون بشجاعتهم وبطولاتهم ، ويتوعدون اعداءهم بالقتل والهزيمة ، لقد اصبح الرجز في تلك المعارك كسلاح من اسلحة القتال يعتمد عليه المقاتلون كما يعتمدون على آلات الحروب من السيوف والسهام والرماح ، ففي واقعة الجمل كان اصحاب عائشة ينشدون الرجز الذي يمثل اندفاعهم نحو امهم ، واصحاب الامام كانوا يذكرون في رجزهم دفاعهم عن الامام امير المؤمنين ، وانه فرض ديني عليهم ، وكذلك في معركة صفين ، أما في واقعة كربلا فلم يؤثر بيت من الشعر نظمه أو تمثل به أحد من المعسكر الأموي وهو آية على شيوع الحيرة والتردد في نفوسهم فقد عرفوا جميعا عرفانا لا تسعه المغالطة ولا الانكار اثم ما اقترفوه وانهم قد ارتطموا في الباطل وماجوا في الضلال ...
وطائفة كبيرة كانت في الجيش الأموي قد عرفت بالفسق والتحلل ، فقد كانوا من المدمنين على الخمر ، ويقول المؤرخون ان الذين حملوا رءوس
__________________
(١) يقول ابن حبيب : كانت العرب تقول : الرجز في الحرب والحداء والمفاخرة وما جرى هذا المجرى جاء ذلك في الأغاني ١٨ / ١٦٤