وعبيد اللّه بن زياد فانكم لا تدركون منهما إلا سوء عمر سلطانهما ، يسملان اعينكم ، ويقطعان أيديكم وارجلكم ، ويمثلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم وقراءكم أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهانئ ابن عروة وأشباهه».
وحفل هذا الخطاب بابلغ وأروع ما تكون الحجة ، ففيه الدعوة إلى الحق بجميع رحابه ومفاهيمه ، والتحذير من عذاب اللّه وسخطه ، لقد عرفهم بأنه انما ينصحهم امتثالا للواجب الديني الذي يقضي بنصيحة المسلم لأخيه المسلم اذا رآه قد انحرف عن الحق .. وعرفهم قبل أن تندلع نار الحرب ان الأخوة الاسلامية تجمعهم فاذا وقعت الحرب انفصمت عرى تلك الأخوة ، وكان كل منهما أمة مستقلة لا تجمعهما روابط الدين والاسلام وقد عرض لهم ان اللّه قد ابتلى المسلمين بعترة نبيه فاوجب مودتهم في كتابه العزيز ، لينظر إلى الأمة ما هي صانعة فيهم؟
وذكرهم يجور الأمويين وبطشهم ، وما صنعوه في صالحائهم امثال حجر بن عدي وميثم التمار وغيرهم من الذين ناهضوا الجور وقاوموا الاستبداد فقد صبت عليهم السلطة الأموية وابلا من العذاب الأليم ، فسملت عيونهم وقطعت أيديهم وأرجلهم وصلبتهم على جذوع النخل.
وما انهى زهير خطابه الا وتوقح جماعة من جيش ابن سعد فسبوه وتوعدوه مع الامام الحسين بالقتل قائلين «لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وباصحابه إلى عبيد اللّه بن زياد سلما».
واندفع زهير فخاطبهم بمنطق الحق قائلا :
«عباد اللّه : إن ولد فاطمة أحق بالود والنصر من ابن سمية ، فان لم تنصروهم فأعيذكم باللّه أن تقتلوهم .. فخلوا بين الرجل وبين يزيد فلعمري إنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين».