ووجم الكثيرون ، واستولت عليهم الحيرة والذهول ولما رأى ذلك شمر ابن ذي الجوشن خاف أن يثوب الجيش إلى الرشاد ، فسدد سهما إلى زهير وهو يقول :
«اسكت أسكت اللّه نامتك ، أبرمتنا بكثرة كلامك»
واحتقره زهير فنظر إليه كأقذر مخلوق قائلا له :
«ما اياك أخاطب انما أنت بهيمة ، واللّه ما أظنك تحكم من كتاب اللّه آيتين ، فابشر بالخزي يوم القيامة «والعذاب الأليم».
والتاع الوغد الخبيث من كلام زهير فصاح به :
«إن اللّه قاتلك وصاحبك عن ساعة»
«أبالموت تخوفني؟ فو اللّه للموت أحب إلي من الخلد معكم»
والتفت زهير إلى الجيش قائلا :
«عباد اللّه لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي واشباهه ، فو اللّه لا تنال شفاعة محمد (ص) قوما هرقوا دماء ذريته وأهل بيته ، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم».
ورأى الامام ان نصائح زهير لا تجدي مع هؤلاء الممسوخين فأوعز إلى بعض أصحابه يأمره بالكف عن الكلام ، وانطلق إليه فناداه : إن أبا عبد اللّه يقول لك : أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه ، وأبلغ في الدعاء فقد نصحت هؤلاء وابلغت لو نفع النصح والابلاغ (١).
__________________
(١) تأريخ الطبري ٦ / ٢٤٣