في غير سفر الواجب (١).
______________________________________________________
ثم إنّه قد استدل في الجواهر على المدّعى بما روته العامّة عن عمر ، أنّه سأل نساء أهل المدينة لما خرج أزواجهن إلى الجهاد وسمع امرأة تنشد أبياتاً من جملتها :
فوَ الله لولا الله لا شيء غيره |
|
لزلزل من هذا السرير جوانبه |
عن أكثر ما تصبر المرأة عن الجماع ، فقيل له : أربعة أشهر ، فجعل المدة المضروبة للغيبة أربعة أشهر (١).
إلّا أنها كما ترى ، لأنّها مضافاً إلى عدم ثبوتها وعدم حجيتها أجنبية عن محل الكلام ، حيث إنّ مبدأ الأربعة فيها إنّما هو من حين الخروج ، في حين إنّ كلامنا في الأربعة التي يكون مبدؤها من تاريخ آخر وطء. وبينهما فرق واضح ، فإنّه قد يفرض تأخر تأريخ الخروج عن الوطء بكثير كالحيض والمرض ونحوه ، فلا تصلح للاستدلال بها على المدعى.
ومن هنا يعلم عدم شمول الحكم للمعقودة إذا لم يدخل عليها الزوج ، فإنّه لا يجب عليه مواقعتها قبل مرور أربعة أشهر ، لأنّها خارجة عن موضوع النص.
(١) ووجهه غير ظاهر ، إذ لا فرق بين السفر الواجب وغيره لو قلنا بعموم الحكم للمسافر أيضاً ، غاية الأمر أنّ في السفر الواجب يتحقق التزاحم بينهما ، وحينئذ فلا بدّ من العمل بمقتضيات بابه وتقديم الأهمّ على المهمّ. فإذا كان السفر هو الأهمّ كسفر الحجّ في الأزمنة السابقة حيث كان يستغرق أربعة أشهر أو أكثر وجب تقديمه ، وإنْ كان هذا الحكم هو الأهمّ وجب تقديمه على السفر الواجب ، ومع تساويهما في الأهمية يكون المكلّف مخيّراً لا محالة.
والحاصل أنّ إطلاق استثناء السفر الواجب من هذا الحكم بناء على عمومه للمسافر في غير محلّه ، بل لا بدّ من تقديم الأهمّ منهما ، والتخيير عند التساوي عملاً بمقتضى قاعدة التزاحم.
__________________
(١) الجواهر ٢٩ : ١١٦.