إحدى القافين وإحدى الميمين زائدتان وذلك أنّ كلّ ما علم له من ذلك اشتقاق أو تصريف وجد أحد المضعّفين منه زائدا ؛ ألا ترى أنّ «اشمخرّ» يدل على أنّ إحدى الميمين من «شمّخر» زائدة ، فحمل ما ليس له اشتقاق على ذلك.
وإن كان المضعّف أزيد كان كلّ واحد من المثلين زائدا ، نحو : «صمحمح» (١) ، و «دمكك» (٢) ، إحدى الميمين وإحدى الحاءين ، أو الكافين زائدتان بدليل أنّ ما له اشتقاق أو تصريف من ذلك وجد كلّ واحد من المثلين فيه زائدا ، فحمل ما ليس له اشتقاق على ذلك ، نحو : «مرمريس» فإنه من المراسة فإحدى الميمين وإحدى الراءين زائدتان.
فإن قيل : فأيّ الحرفين هو الزائد؟
فالجواب أنّ في ذلك خلافا : فمذهب الخليل أنّ الزائد الأوّل فاللّام الأولى من «سلّم» هي الزائد وكذلك الزاي الأولى من «بلزّ» (٣). وحجّته أنّ الأوّل قد وقع موقعا تكثر فيه أمّهات الزوائد وهي الياء والألف والواو ؛ ألا ترى أنّ حروف العلّة الثلاثة قد تقع ثانية زائدة ، نحو : «حومل» (٤) و «صيقل» و «كاهل». فإذا قضينا بزيادة اللّام الأولى من «سلّم» كانت واقعة موقع هذه الزوائد وساكنة مثلها. وكذلك أيضا قد تقع هذه الحروف ثالثة نحو : «كتاب» و «عجوز» و «قضيب». فإذا جعلنا الزاي الأولى من «بلزّ» زائدة كانت واقعة موقع هذه الزوائد وساكنة مثلها.
ومذهب يونس أنّ الثاني هو الزائد واستدلّ على ذلك أيضا بأنه إذا كان الأمر على ما ذكر ، وقعت الزيادة موقعا تكثر فيه أمّهات الزوائد ؛ ألا ترى أنّ الياء والواو قد تقعان زائدتين متحركتين ثالثتين نحو : «جهور» (٥) ، و «عثير» (٦). فإذا جعلنا اللّام الثانية من «سلّم» هي الزائدة كانت واقعة موقع الياء من «عثير» والواو من «جهور» ومتحركة مثلهما. وكذلك أيضا تكثر زيادتهما رابعتين متحركتين نحو «كنهور» (٧) و «عفرية» (٨) ، فإذا جعلنا الزاي الثانية من «بلزّ» زائدة ، كانت واقعة موقع الواو من «كنهور» والياء من «عفرية» ومتحركة مثلهما.
قال سيبويه : وكلا القولين صحيح ومذهب.
وهذا القدر الذي احتجّ به الخليل ويونس لا حجّة لهما فيه لأنه ليس فيه أكثر من
__________________
(١) الصّمحمح : الشّديد القويّ.
(٢) الدّمكمك : الشّديد.
(٣) البلزّ : الضّخمة.
(٤) حومل : اسم موضع.
(٥) الجهور : الجريء.
(٦) العثير : التراب.
(٧) الكنهور : العظيم المتراكب من السّحاب.
(٨) العفرية : الخبيث المنكر.