جملة المجهورة ، قد يعتمد لهما في الفم والخياشيم ، فتصير فيهما غنّة.
والمهموس : حرف أضعف الاعتماد عليه في موضعه ، حتى جرى معه النّفس. واعتبار ذلك بأن تكرّر الحرف ، نحو : «سسس ، كككك» فتجد النّفس يجري مع الحرف. ولو رمت في المجهور لما أمكنك.
وتنقسم أيضا إلى شديد ، ورخو ، وبين الشّدّة والرّخاوة. فالشديد ثمانية أحرف يجمعها «أجدك قطبت». والتي بين الشديدة والرخوة أيضا ثمانية أحرف يجمعها «لم يرو عنّا». وباقي الحروف رخو.
والشديد : حرف يمتنع الصوت أن يجري فيه لانحصار الصوت ؛ ألا ترى أنّك لو قلت : «الحقّ» و «الشطّ» ، ثم رمت مدّ الصوت في القاف والطاء لكان ممتنعا.
والرّخو : هو الذي يجري فيه الصوت من غير ترديد ، لتجافي اللسان عن موضع الحرف ؛ ألا ترى أنّك تقول : «المسّ» و «الرّشّ» و «الشّحّ» ونحو ذلك ، فتجد الصوت جاريا مع السين والشين والحاء.
والذي بين الشديدة والرّخوة : هو الذي لا يجري الصوت في موضعه عند الوقف ، ولكن يعرض له أعراض توجب خروج الصوت ، باتّصاله بغير مواضعها.
فأمّا العين فإنّك قد تصل إلى الترديد فيها كما تصل إلى ذلك في الرّخوة ، لشبهها بالحاء كأنّ صوتها ينسلّ عند الوقف إلى الحاء ، فليس لصوتها الانحصار التامّ ، ولا جري الرّخو.
وأما اللّام فإنّ الصوت قد يمتدّ فيها لأنّ ناحيتي مستدقّ اللسان تتجافيان ، فيخرج الصوت منهما ، وليس يخرج الصوت من موضع اللّام ، لأنّ طرف اللسان لا يتجافى فليس للصوت جري تامّ. وبيان ذلك أنّك لو شددت جانبي موضع اللّام لانحصر الصوت ، ولم يجر ألبتّة.
وأما النون والميم فيجري معهما الصوت في الأنف لأنّ الغنّة صوت ، ولا يجري في الفم لأنّ اللسان لازم لموضع الحرف من الفم.
وأما الراء ، فللتكرار الذي فيها قد يتجافى اللسان بعض تجاف ، فيجري معه الصوت إذ ذاك.
وأما الياء والواو ، فلأنّ مخرجهما اتّسع لهواء الصوت ، فجرى لذلك الصوت بعض جري. وأما الألف ، فلأنّ مخرجها اتّسع لهواء الصوت أشدّ من اتّساع مخرج الياء والواو ، لأنك تضمّ شفتيك في الواو وترفع في الياء لسانك قبل الحنك ، وليس في الألف شيء من ذلك. فهذه الأحرف الثلاثة لها أصوات في غير موضعها من الفم. فصارت بذلك مشبهة للرّخوة ، وهي تشبه الشديدة للزومها مواضعها ، وليس للصوت جري في مواضعها كالرّخوة.