فيا ليتني ، من بعد ما طاف أهلها ، |
|
هلكت ، ولم أسمع بها صوت إيسان |
وقالوا في الجميع «أياسين» بالياء. والأصل النون ، لأنّ «إنسانا» و «أناسيّ» بالنون أكثر منه بالياء.
وأبدلت أيضا ، على اللزوم ، من نون «ظربان» (١) ونون «إنسان» التي بعد الألف ، في الجمع ، فقالوا : «أناسيّ» و «ظرابيّ». فعاملوا النون معاملة همزة التأنيث ، لشبهها بها. فكما يبدلون من همزة التأنيث ياء ، فيقولون في «صحراء» : «صحاريّ» ، فكذلك فعلوا بنون «إنسان» و «ظربان» ، في الجمع.
وأبدلت أيضا من النون في «تظنّيت» ، لأنّه «تفعّلت» من الظّن. فأصله «تظنّنت» ، فأبدلت النون ياء ، هروبا من اجتماع الأمثال.
وأبدلت أيضا على اللزوم ، من النون في «تسنّى» بمعنى : تغيّر. ومن ذلك قوله تعالى (لم يتسن) (٢) فحذفت الألف المبدلة من الياء للجزم. والأصل «يتسنّن» فأبدلت النون ياء ، هروبا أيضا من اجتماع الأمثال. والدليل على ذلك قوله تعالى (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(٣) أي : متغيّر. فقوله تعالى «مَسْنُونٍ» يدلّ على أنّ «يتسنّ» في الأصل من المضعّف كـ «مَسْنُونٍ» ، وليس من قبيل المعتلّ.
فهذا جميع ما أبدلت فيه الياء من النون.
وأبدلت من اللّام في «أمليت الكتاب». إنما أصله : «أمللت» ، فأبدلت اللّام الأخيرة ياء ، هروبا من التضعيف. وقد جاء القرآن باللغتين جميعا. قال تعالى : (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(٤). وقال عزّ وجلّ : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ)(٥). وإنّما جعلنا اللّام هي الأصل ، لأنّ «أمللت» أكثر من «أمليت».
وأبدلت من الصاد ، على غير اللزوم ، في «قصّيت أظفاري» بمعنى «قصّصت». فأبدلوا من الصاد الأخيرة ياء ، هروبا من اجتماع الأمثال. حكى ذلك اللّحيانيّ.
وأبدلت من الضاد في قول العجّاج (٦) :
تقضّي البازي ، إذا البازي كسر
إنّما هو «تفعّل» من الانقضاض. وأصله «تقضّض» ، فأبدلت الضاد الأخيرة ياء. وقالوا أيضا : «تفضّيت» من الفضة ، وهو مثل «تقضّيت».
وأبدلت من الميم في «يأتمي» على غير اللزوم في الشعر ، قال (٧) :
__________________
(١) الظربان : حيوان أصغر من الهرّ ، قصير القوائم ، منتن الرائحة.
(٢) البقرة : ٢٥٩.
(٣) الحجر : ٢٦ ، ٣٣ ، ٣٨.
(٤) الفرقان : ٥.
(٥) البقرة : ٢٨٢.
(٦) ديوانه ص ١٧.
(٧) البيت لكثّير عزّة في ديوانه ص ٣٠٠.