ويحتمل أيضا في تفسير جملة (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) وتناسبها مع بداية هذه الآية أنّ المراد هو بيان هذه الحقيقة أنّ وجود مثل هؤلاء الأفراد بين الناس لطف من الله سبحانه ورأفة بعباده ، إذ لو لم يكن بين الناس مثل هؤلاء الأفراد المضحّين المتفانين مقابل تلك العناصر الخبيثة لانهدمت أركان الدّين والمجتمع ، لكنّ الله سبحانه بفضله ومنّه يدفع بهؤلاء الصّديقين الأولياء خطر أولئك الأعداء.
فعلى أيّ حال ، فهذه الآية ومع الالتفات إلى سبب النزول المذكور آنفا تعدّ أعظم الفضائل لإمام علي عليهالسلام الواردة في اكثر المصادر الإسلامية ، وكانت في صدر الإسلام من الوضوح بين المسلمين بحيث دعت معاويه العدو اللّدود للإمام علي عليهالسلام أن يرشي (سمرة بن جندب) بأربعمائة ألف درهم كي يروي حديثا مختلطا ينسب فيه فضيلة هذه الآية إلى عبد الرحمن ابن ملجم ، وقد اختلق هذا المنافق الجاني هذه الفرية ، ولكنّ أحدا لم يقبل منه حديثه المجعول (١).
* * *
__________________
(١) نقل قصّة هذه المعاملة «ابن أبي الحديد» في شرح «نهج البلاغة» ج ٤ ، ص ٧٣.