يعني يرميه بسيف أو نحوه. فأن في موضع نصب ، كأنّه قال : إياي وحذف أحدكم الأرنب ، ولو حذفت الواو لجاز مع أن ، فيقال : إيّاي أن يحذف أحدكم الأرنب ، ولو صرّح بالمصدر لم يجز حذف الواو ولا من. والفارق بينهما أنّ أن وما بعدها من الفعل ، وما يعمل فيه مصدر ، فلمّا طال جوّزوا فيه من الحذف ما لم يجز في المصدر الصريح.
الخامس : قال أبو حيّان في إعرابه : نصّوا على أنّ (أن) المصدرية لا ينعت المصدر المنسبك منها ومن الفعل ، فلا يوجد في كلامهم : يعجبني أن قمت السريع ، تريد (قيامك السريع) ولا عجبت من أن تخرج السريع ، أي : من خروجك السريع ، قال : وحكم باقي الحروف المصدرية حكم أن ، فلا يوجد في كلامهم وصف المصدر المنسبك من أنّ ، ولا من ما ، ولا من كي ، بخلاف صريح المصدر ، فإنه يجوز أن ينعت ، وليس لكلّ مصدر حكم المنطوق به ، وإنّما يتّبع في ذلك ما تكلّمت به العرب.
وقال ابن هشام في (المغني) : اعلم أنهم حكموا لأن وأنّ المقدّرتين بمصدر معرّف بحكم الضمير ، لأنه لا يوصف كما أنّ الضمير كذلك.
السادس والسابع والثامن : قال ابن هشام في (المغني) : لا يعطى المصدر حكم أن وأنّ وصلتهما في جواز حذف الجارّ ، ولا في سدّهما مسدّ جزأي الإسناد في باب ظنّ وعسى ، ولا في النيابة عن ظرف الزمان ، تقول : عجبت أن تقوم ، أو أنّك قائم. ولا يجوز عجبت قيامك. وتقول : حسبت أن تقوم وأنّك قائم ، ولا تقول : حسبت قيامك ، حتى تذكر الخبر ، وتقول : عسى أن تقوم ، ولا يجوز عسى قيامك. وتقول : جئتك صلاة العصر ، ولا يجوز جئتك أن تصلّي العصر ، خلافا لابن جنّي والزمخشري ، وقال ابن إياز : يجوز حذف حرف الجرّ مع أنّ وأن كثيرا ، ولا يجوز مع المصدر. لا تقول : رغبت لقاءك ، وتريد : في لقائك ، إذ المسوّغ للحذف معهما طول الكلام بصلتهما ، ولا طول هنا.
وقال ابن القوّاس : يجوز في باب التحذير مع أن من حذف حرف الجرّ وحذف حرف العطف ما لا يجوز في غيرها مصدرا كان أو غيره.
التاسع : قال ابن يعيش (١) : في قوله تعالى : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ) [الذاريات : ٢٣] وقول الشاعر : [البسيط]
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٨١).