أحدها : أنه لا يصحّ حذف المؤكّد ، ويصحّ حذف الموصوف. وسرّه أنّ التأكيد ليس فيه زيادة على المؤكّد ، بل هو هو بلفظه أو بمعناه ، فلو حذف لبطل سرّ التأكيد. وأما الصفة ففيها معنى زائد على الموصوف فإذا علم الموصوف جاز حذفه وإبقاؤها لإفادتها المعنى الزائد على الموصوف. لأنها بمنزلة المستقلّ بالنظر إلى المعنى الزائد.
والوجه الثاني : أنّ التوكيد المتعدّد لا يعطف بعضه على بعض ، والصفات المتعدّدة يجوز عطف بعضها على بعض ، وسرّه أنّ ألفاظ التوكيد متّحدة المعاني. وألفاظ الصفات متعدّدة المعاني. فجاز عطفها لتعدّد معانيها ، ولم يجز في التأكيد لاتحاد معانيه.
والوجه الثالث : أنّ ألفاظ التأكيد لا يجوز قطعها عن إعراب متبوعها والصفات يجوز قطعها عن إعرابه ، وسرّه أنّ القطع إنما يكون لمعنى مدح أو ذمّ وهو موجود في الصفات ، فلذلك جاز قطعها. وأما التأكيد فلا يستفاد منه مدح ولا ذمّ ، فلذلك لم يجز قطعه.
والوجه الرابع : أنّ التأكيد يكون بالضمائر دون الصفات ، وسرّه أنّ التأكيد يقوّي المعنى في نفس السامع بالنسبة إلى رفع مجاز الحكم ، وإن كان المحكوم عليه في نهاية الإيضاح. فلذلك احتيج إليه. وأما الصفة فلأنّ المقصود منها إيضاح المحكوم عليه ، وهو في نهاية الإيضاح ، فلا يحتاج إلى إيضاح ، لأنه إن كان لمتكلم أو مخاطب فقرينة التكلّم أو الخطاب توضّحهما ، وإن كان لغائب فالقرينة الظاهرة توضّحه ، فلا يحتاج إلى إيضاح.
والوجه الخامس : أنّ النكرات تؤكّد بتكرير ألفاظها دون معاني ألفاظها ، وتوصف ، وسرّه أن معاني ألفاظها معارف ، ولا تؤكّد النكرات بالمعارف ، وأما الوصف فإنها توصف بما يوافقها في التنكير.
وقال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : النعت يفارق التوكيد من أوجه :
الأول : أنّ التأكيد إن كان معنويا فألفاظه محصورة ، وألفاظ الصفات ليست كذلك ، وإن كان لفظيا فإنه يجري في الكلم بأسرها مفردة ومركّبة ، والنعت ليس كذلك.
الثاني : أنّ النعت يتبع المعرفة والنكرة ، والتأكيد لا يتبع إلا المعارف ، أعني التأكيد المعنويّ.