الثالث : أنّ الصفة يشترط فيها أن تكون مشتقّة ، ولا كذلك في التأكيد.
قال : وعطف البيان يجامع الصفة من حيث أنه يبيّن ويوضّح كما تفعل الصفة في الجملة. ثم إنّهما يفترقان في غير ذلك.
فالصفة مشتقة أبدا من معنى في الموصوف ، أو في شبيه استحقّ أن يوضع له اسم منه نحو : طويل مشتقّ من الطول ، فإذا قلت : رجل طويل ، فالرجل استحق أن يكون طويلا اسما له وواقعا عليه بطريق وجود الطول فيه. وأمّا عطف البيان فلا يكون مشتقّا.
وفرق ثان : وهو أنّ عطف البيان على الانفراد يدلّ على المقصود. فإذا قلت : زيد أبو عبد الله ، دلّ أبو عبد الله ، لو انفرد ، على الرجل المخصوص الذي قصد به زيد ، وأما الصفة فليست كذلك ، لأنك إذا قلت : رجل طويل ، ثم أفردت الطويل ، ولم تقدر جريه على رجل لم يدلّ عليه ، وإنما دل على شيء من صفته الطول على الجملة.
وفرق ثالث : أنّ عطف البيان لا يكون إلا بالمعارف ، والصفة تكون بالمعرفة والنكرة.
وفرق رابع : أنّ النعت يكون للشيء وكيفيّته ، وعطف البيان لا يكون فيه ذلك.
وفرق خامس : أنّ النعت قد يكون جملة ، وعطف البيان ليس كذلك ، والنعت منه ما يكون للمدح ، ولا كذلك في عطف البيان.
وأيضا فالصفة تتحمّل الضمير ، وعطف البيان لا يتحمّله ، وغير ذلك من الفروق ، انتهى.
وقال ابن يعيش (١) وصاحب (البسيط) : عطف البيان يشبه الصفة من أربعة أوجه ، ويفارقها من أربعة أوجه. أمّا أوجه الشبه :
فأحدها : أنه يبيّن المتبوع كبيان الصفة.
والثاني : أنّ حكمه حكم الصفة في انسحاب العامل عليها.
والثالث : أنه يطابق متبوعه في التعريف كالصفة.
والرابع : أنه لا يجري على مضمر كالصفة.
وأما أوجه المفارقة :
فأحدها : أنّ الصفة بالمشتقّ غالبا ، وهو بالجوامد.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٧١).