والثاني : أنّ عطف البيان يختصّ بالمعارف ، والصفة تكون في المعارف والنكرات. وذكر بعضهم أنه يكون في النكرات أيضا.
والثالث : أنّ حكم الصفة أن تكون أعمّ من الموصوف أو مساوية ، ولا تكون أخصّ منه ، لأنها تستمدّ من الفعل ، بدليل تحمّلها الضمير ، فلذلك انحطّت رتبتها لنظرها إلى ما أصله التنكير ، ولا يشترط ذلك في عطف البيان نحو : مررت بأخيك زيد ، فإنّ زيدا أخصّ من الأخ.
الرابع : أنّ الصفة يجوز فيها القطع إلى النصب والرفع ، ولا يجوز ذلك في عطف البيان ، لعدم المدح والذمّ المقتضي للقطع.
قالا : ويشبه البدل أيضا من أربعة أوجه ، ويفارقه من أربعة أوجه. أما أوجه الشبه :
فأحدها : أنه عبارة عن الأول كالبدل.
والثاني : أنه يكون بالجوامد كالبدل.
والثالث : أنه قد يكون أخصّ من متبوعه وأعمّ منه كالبدل.
والرابع : أنه قد يكون بلفظ الأول على جهة التأكيد كقوله : [الرجز]
٣٣٣ ـ [إنّي وأسطار سطرن سطرا] |
|
لقائل : يا نصر نصر نصرا |
كالبدل.
وأما أوجه المفارقة : فأحدها : أنّ عطف البيان في تقدير جملة على الأصحّ ، والبدل في تقدير جملتين على الأصحّ.
والثاني : أنّ عطف البيان يشترط مطابقته لما قبله في التعريف ، بخلاف البدل ، فإنه تبدل النكرة من المعرفة وبالعكس.
والثالث : أنّ عطف البيان لا يجري على المضمر كالوصف ، بخلاف البدل.
والرابع : أنّ البدل قد يكون غير الأول في بدل البعض والاشتمال والغلط ، بخلاف عطف البيان.
وقال ابن جنّي في (الخصائص) (٢) : حدّثنا أبو عليّ أنّ الزيادي سأل أبا الحسن
__________________
٣٣٣ ـ الرجز لرؤبة في ديوانه (ص ١٧٤) ، والكتاب (٢ / ١٨٧) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢١٩) ، والخصائص (١ / ٣٤٠) ، والدرر (٤ / ٢٢) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢٤٣) ، وشرح المفصّل (٢ / ٣) ، ولسان العرب (نصر) ، وبلا نسبة في أسرار العربية (ص ٢٩٧) ، والدرر (٦ / ٢٦) ، ولسان العرب (سطر) ، ومغني اللبيب (٢ / ٣٨٨) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٢٠٩) ، والمقتضب (٤ / ٢٠٩) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٤٧).
(١) انظر الخصائص (٢ / ٤٢٨).