عن قولهم : مررت برجل قائم زيد أبوه ، أأبوه بدل أم صفة؟ فقال أبو الحسن : لا أبالي بأيّهما أجبت. قال ابن جنّي : وهذا يدلّ على تداخل الوصف والبدل ، وعلى ضعف العامل المقدّر مع البدل.
وقال ابن يعيش (١) : قد اجتمع في البدل ما افترق في الصفة والتأكيد ، لأنّ فيه إيضاحا للمبدل ورفع لبس ، كما كان ذلك في الصفة ، وفيه رفع للمجاز ، وإبطال التوسع الذي كان يجوز في المبدل منه ، ألا ترى أنّك إذا قلت : جاءني أخوك ، جاز أن تريد كتابه أو رسوله ، فإذا قلت : زيد ، زال ذلك الاحتمال ، كما لو قلت نفسه أو عينه ، فقد حصل باجتماع البدل والمبدل منه ما يحصل من التأكيد بالنفس والعين ، ومن البيان ما يحصل بالنعت. غير أنّ البيان في البدل مقدّم ، وفي النعت والتأكيد مؤخّر.
وقال ابن هشام في (المغني) (٢) : افترق عطف البيان والبدل في ثمانية أمور ، فذكر من هذه الأربعة التي ذكرها ابن يعيش وصاحب البسيط ثلاثة.
والرابع والخامس والسادس : أنّ عطف البيان لا يكون جملة ، ولا تابعا لجملة ، ولا فعلا تابعا لفعل ، بخلاف البدل.
والسابع : أنه لا يكون بلفظ الأول ، ويجوز ذلك في البدل ، بشرط أن يكون مع الثاني زيادة بيان ، كقراءة يعقوب : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) [الجاثية : ٢٨] بنصب كلّ الثانية.
والثامن : أنه ليس في نية إحلاله محلّ الأول ، بخلاف البدل ، ولهذا امتنع البدل ، وتعيّن البيان في نحو : يا زيد الحارث ويا سعيد كرز ، وفي نحو : أنا الضارب الرجل زيد ، وفي نحو : زيد أفضل الناس الرجال والنساء ، أو النساء والرجال ، وفي نحو : يا أيّها الرجل غلام زيد ، وفي نحو : أيّ الرجلين زيد وعمرو جاءك ، وفي نحو : جاءني كلا أخويك زيد وعمرو.
وقال ابن هشام في (المغني) (٣) : وعبارة ابن السرّاج الفرق بين عطف البيان وبين البدل أن عطف البيان تقديره تقدير النعت التابع للاسم ، والبدل تقديره أن يوضع موضع الأول.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٦٦).
(٢) انظر المغني اللبيب (٥٠٨).
(٣) انظر مغني اللبيب (٥٠٨).