قال : والفرق بين العطف وبين النعت والبدل أنّ الثاني في العطف غير الأول ، والنعت والبدل هما الأول.
قال ابن يعيش (١) : ويتبيّن الفرق بينهما بيانا شافيا في موضعين :
أحدهما : النداء نحو : يا أخانا زيدا.
والثاني نحو : أنا الضارب الرجل زيد. فإنه يتعيّن فيهما جعل زيد عطف بيان ، ولا يجوز جعله بدلا ، لأنه يوجب ضمّ زيد في الأول ، وامتناع الإضافة في الثاني.
قال ابن يعيش (٢) : ومن الفصل بين البدل ، وعطف البيان أنّ المقصود بالحديث في عطف البيان هو الأول ، والثاني : بيان كالنعت المستغنى عنه ، والمقصود بالحديث في البدل هو الثاني ، لأنّ البدل والمبدل منه اسمان بإزاء مسمّى مترادفان عليه ، والثاني منهما أشهر عند المخاطب ، فوقع الاعتماد عليه ، وصار الأول كالتوطئة والبساط لذكر الثاني. وعلى هذا لو قلت : زوّجتك بنتي فاطمة ، وكانت عائشة فإن أردت عطف البيان صحّ النكاح ، لأنّ الغلط وقع في البيان ، والمقصود لا غلط فيه. وإذا جعلته بدلا لا يصحّ النكاح لأنّ الغلط وقع فيما هو معتمد الحديث ، وهو الثاني.
وذكر صاحب البسيط مثله ، قال : وينبغي للفقيه أن يتبع هذا التحقيق ولا ينكره.
وكتب الزركشيّ على (الحاشية) : هنا ما ذكره حسن ، وبه يستدرك على أصحابنا حيث حكوا وجهين في مثل هذه الصورة ، وصحّحوا الصّحة.
وفي (شرح التسهيل) لأبي حيّان : باب العطف أوسع من باب البدل ، لأنّ لنا عطفا على اللفظ ، وعلى الموضع وعلى التوهّم. والبدل يكون على اللفظ وعلى الموضع ، ولا يكون على التوهّم. وفيه الفرق بين العطف على الموضع ، والعطف على التوهّم أنّ العطف على الموضع عامله موجود ، وأثره مفقود. والعطف على التوهّم أثره موجود ، وعامله مفقود.
وقال السخاويّ في (سفر السعادة) : قال شيخنا أبو اليمن الكنديّ : ينبغي أن يعلم أنّ كثيرا من النحويين لا يكادون يعرفون عطف البيان على حقيقته. وإنما ذكره سيبويه (٣) عارضا في مواضع ، وأكثر ما يجيء تابعا للأسماء المبهمة كقولك : يا هذا
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٧٣).
(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ٧٤).
(٣) انظر الكتاب (٢ / ١٩٠).