زيد ، ألا ترى أنه ينوّن زيد؟. فدلّ على أنه ليس ببدل ، وعلى هذا تقول : يا أيّها الرجل زيد ، فزيد لا يكون بدلا من الرجل ، لأن (أي) لا توصف بما لا لام فيه وإنما يكون بدلا من أي ، فلذلك كان مبنيّا على الضمّ غير منوّن. وهذا المكان من أوضح فروقه ، وهو من المواضع التي لا يقع فيها البدل.
وللبدل مواضع يخالف لفظه فيها لفظ عطف البيان ، فيعلم بذلك أنّ عطف البيان من قبيل التوابع قائم بنفسه على خفائه ، وأحكامه في التكرير والعطف والإعراب في التقديم والتأخير والعامل فيه أحكام الصفة. فلذلك أدخله سيبويه (١) في جملتها ولم يفرد له بابا.
قال : ومن الفرق بين الصفة وعطف البيان أنّ الصفة لا بدّ من تقديرها ثانيا ، وإلّا بطل كونها صفة. وعطف البيان علم لا بدّ من تقديره غير ثان ، بل أولا ، وإلا فسد كونه علما. فلذلك لا يصحّ أن يجري مجرى الصفة من كلّ وجه ، انتهى.
وقال ابن هشام في (تذكرته) : عطف البيان والنعت وبدل الكلّ من الكلّ والتأكيد فيها بيان لمتبوعها ، وتفترق من أوجه. فيفارق عطف البيان النعت من وجهين :
أحدهما : من حيث أنّ النعت بالمشتقّ أو بالمؤوّل به ، وهو ليس كذلك.
والثاني : من حيث أنّ النعت يرفع الضمير والسببيّ ، والبيان ليس كذلك ، وهذا الوجه ناشئ عن الأوّل ، وينبغي أن يهذّب فيقال : يكون في الحقيقة لغير الأول ، نحو :
برجل قائم أبوه ، والبيان لا يكون إلا للأول. ويفارق التأكيد من وجهين :
أحدهما : أن التأكيد بألفاظ محصورة ، وهذا ليس كذلك.
الثاني : أنّ التأكيد يرفع المجاز ، وهذا إنما يرفع الاشتراك.
ووجه ثالث : على رأي الكوفيين أنّهما يتخالفان في التعريف والتنكير في نحو : صمت شهرا كلّه ولا يجوز ذلك في البيان خلافا للزمخشريّ. ويفارق البدل من وجهين :
أحدهما : أنّ متبوعه هو المقصود بالنسبة ، وليس كذلك البدل. فالمقصود التابع لا المتبوع ، وإنما ذكر الأول كالتوطئة.
__________________
(١) انظر الكتاب (٢ / ١٩٠ ـ ١٩٢).