وبهذا يعلم أن اشتراط النحويين وقوع النكرة بعد واو الحال ليس بلازم. ونظير هذا الموضع قول ابن عصفور في (شرح الجمل) : تكسر (إنّ) إذا وقعت بعد واو الحال ، وإنما الضابط أن تقع في أول جملة حالية ، بدليل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] ، انتهى.
وقد ذكر أبو حيّان في أرجوزته المسمّاة ب (نهاية الإعراب في علمي التصريف والإعراب) جملة من المسوّغات. ثم قال : [الرجز]
وكلّ ما ذكرت في التتميم |
|
يرجع للتخصيص والتعميم |
وقال المهلّبي في (نظم الفرائد) : [الخفيف]
وقع الابتداء بالتّنكير |
|
في ثمان وأربع للخبير |
بعد نفي ، أو جواب لنفي |
|
أو لمعناه موجبا كالنظير |
ثمّ إن كنت سائلا أو مجيبا |
|
لسؤال وسابق مجرور |
ثم موصولة بمن ، وإذا ما |
|
رفعت ظاهرا لدى مستخير |
ولمعنى تعجّب أو دعاء |
|
أو عموم ونعتها للبصير |
وقال أيضا : [الكامل]
قد جاء ما أغنى وسدّ عن الخبر |
|
في حذفه ، وزواله في اثني عشر |
حال ، وشرط ، أو جواب مسائل |
|
أو حالف برّ ، ومعمول الخبر |
وجواب لو لا ، ثم وصف بعده |
|
أو فاعل ، أو نقض نفي في الأثر |
أو في سؤال في العموم ، وواو مع |
|
وحديث معطوف ، كفانا من غبر |
مثال الحال : أكثر شربي السويق (١) ملتوتا. والشرط : سروري بزيد إن أطاعني ، أي : ثابت إذا أطاعني ، حذف الخبر فأقيم الشرط مقامه ، والجواب لسؤال : زيد ، لمن قال من عندك؟ وجواب القسم : لعمر الله لأفعلنّ (٢). ومعمول الخبر : ما أنت إلا سيرا ، أي : تسير سيرا ، وجواب (لو لا) : لو لا زيد لأكرمتك. والوصف : أقلّ رجل يقول ذلك (٣) ، (فيقول) في موضع خفض صفة لرجل ، وقد سدّ مسدّ الخبر ، والفاعل : أقائم الزيدان (٤)؟ ونقض النفي : بلى زيد ، لمن قال : ما عندي أحد ، والسؤال في العموم : هل طعام؟ أي : عندكم. وواو مع : كلّ رجل وضيعته (٥) ، والعطف : [المنسرح]
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٩٧) ، وأوضح المسالك (١ / ١٦٠).
(٢) انظر أوضح المسالك (١ / ١٥٨).
(٣) انظر الكتاب (٢ / ٣٢٦).
(٤) انظر شرح المفصّل (١ / ٩٦).
(٥) انظر الكتاب (١ / ٣٦٥).