(فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ) وقوله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى). فإنّ ذلك كلّه لا يغني إلّا مع الاهتداء. وليس كلّ من وقع عليه اسم الإيمان ، كان حقيقا بالنّجاة ممّا هلك به الغواة. ولو كان ذلك كذلك ، لنجت اليهود مع اعترافها بالتّوحيد وإقرارها بالله ، ونجى سائر المقرّين بالوحدانيّة من إبليس فمن دونه في الكفر. وقد بيّن الله ذلك بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). وبقوله : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).
وفي الخرائج والجرائح (١) : وفي روايات الخاصّة (٢) روي أنّ أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يسير في بعض مسيره.
فقال لأصحابه : يطلع عليكم من بعض هذه الفجاج شخص ليس له عهد بأنيس منذ ثلاثة أيّام.
فما لبثوا أن (٣) أقبل أعرابيّ قد يبس جلده على عظمه ، وغارت عيناه برأسه ، واخضرّت شفتاه من أكل البقل. فسأل عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في الزّقاق ، حتّى لقيه.
فقال له أعرض عليّ الإسلام.
فقال : قل : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله.
قال : أقررت.
قال : تصلّي الخمس ، وتصوم شهر رمضان.
قال : أقررت.
قال : تحجّ البيت ، وتؤدّي الزّكاة ، وتغتسل من الجنابة.
قال : أقررت.
فتخلّف بعير الأعرابيّ ، ووقف النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسأل عنه. فرجع النّاس في طلبه ، فوجدوه في آخر العسكر قد سقط حتّى (٤) بعيره في حفرة من حفر الجرذان ،
__________________
(١) نور الثقلين ١ / ٧٤٠ ـ ٧٤١ ، ح ١٦٢ عنه.
(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : العامّة.
(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : إذا.
(٤) ليس في المصدر.