فكتب بخطّه : اتّفق الجميع لا تمانع بينهم ، أنّ المعرفة من جهة الرّؤية ضرورة.
فإذا جاز أن يرى الله بالعين ، وقعت المعرفة ضرورة. ثمّ لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا ، أو ليست بإيمان.
فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرّؤية إيمانا ، فالمعرفة الّتي في دار الدّنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان ، لأنّها ضدّه. فلا يكون في الدّنيا مؤمن ، لأنّهم لم يروا الله ـ عزّ ذكره ـ.
وإن لم تكن (١) تلك المعرفة الّتي من جهة الرّؤية إيمانا ، لم تخل هذه المعرفة الّتي من جهة الاكتساب أن تزول ، ولا تزول في المعاد. فهذا دليل على أنّ الله ـ تعالى عزّ ذكره ـ لا يرى بالعين ، إذ العين تؤدّي إلى ما وصفناه.
عليّ بن إبراهيم (٢) : عن المختار [بن محمد بن المختار] (٣) الهمدانيّ ومحمّد بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلويّ جميعا ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ ، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه فقولك : اللّطيف الخبير. فسّره لي ، كما فسّرت الواحد. فإنّي أعلم أنّ لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل (٤) ، غير أنّي أحبّ أن تشرح لي ذلك.
فقال : يا فتح ، إنّما قلنا : «اللّطيف» للخلق اللّطيف ، [و] (٥) لعلمه بالشّيء اللّطيف. أو لا ترى ـ وفّقك الله وثبّتك ـ إلى أثر صنعه في النّبات اللّطيف وغير اللّطيف ، ومن الخلق اللّطيف ، ومن الحيوان الصّغار ، ومن البعوض والجرجس (٦) وما هو أصغر منها ، ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذّكر من الأنثى ، والحدث (٧) المولود من القديم. فلمّا رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسّفاد (٨) والهرب من الموت والجمع لما
__________________
(١) كذا في المصدر ، والنسخ : لم يكن.
(٢) الكافي ١ / ١١٩ ـ ١٢٠ ، ضمن ح ١.
(٣) من المصدر.
(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الخلق المفضل.
(٥) من المصدر.
(٦) الجرجس : البعوض الصغار.
(٧) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الحديث.
(٨) سفد ذكر الحيوان أنثاه ، وعلى أنثاه : نزا عليها.