قال : فعصى أربعون ألفا (١) ، وسلم هارون وابناه ويوشع بن نون وكالب بن يوفنا ، فسمّاهم الله فاسقين فقال : (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ). فتاهوا أربعين سنة. لأنّهم عصوا. فكانوا حذو النّعل بالنّعل. إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا قبض لم يكن على أمر الله إلّا عليّ والحسن والحسين وسلمان والمقداد وأبو ذرّ ، فمكثوا أربعين حتّى قام عليّ فقاتل من خالفه.
وعن داود الرّقي (٢) قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ [يقول :] (٣) كان أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : نعم الأرض الشّام. وبئس القوم أهلها. وبئس البلاد مصر. أما إنّها سجن من سخط الله عليه. ولم يكن دخول بني إسرائيل [مصر] (٤) إلّا [من سخطه و] (٥) معصية منهم لله. لأنّ الله قال : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، يعني : الشّام. فأبوا أن يدخلوها فتاهوا في الأرض أربعين سنة في مصر وفيافيها ، ثمّ دخلوها بعد أربعين سنة. قال : وما خروجهم من مصر ودخولهم الشّام ، إلّا بعد توبتهم ورضا الله عنهم.
وفي قرب الإسناد (٦) ، للحميريّ : أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : قلنا له : إنّ أهل مصر يزعمون أنّ بلادهم مقدّسة.
قال : وكيف ذلك؟
قلت : جعلت فداك ، يزعمون أنّه يحشر من جبلهم سبعون ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب.
قال : لا ، لعمري ما ذاك كذلك ، وما غضب [الله] (٧) على بني إسرائيل إلّا أدخلهم مصر (٨) ولا رضى عنهم إلّا أخرجهم منها إلى غيرها ، ولقد أوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إلى موسى أن يخرج عظام يوسف منها ، ولقد قال رسول الله ـ صلّى
__________________
(١) المصدر : أربعون ألف.
(٢) نفس المصدر ١ / ٣٠٥ ، ح ٧٥.
(٣ و ٤ و ٥) ليس في أ.
(٦) قرب الاسناد / ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٧) من أ.
(٨) هكذا في أ. وفي سائر النسخ : مصرا.