الفتنة بسوء الرّاي والتّدبير ، وهلاك الصّغير والكبير ، وبعد خروج الشيخ عبد الملك وابن أخيه دخلها الأمير حسين قهرا فنهبوا البلد نهبا عظيما ، وسفكوا الدماء وانتهكوا المحارم وارتكبوا العظائم وأحرقت المدينة ، وحصل على أهلها من الفضيحة وهتك الحجاب ما لم يكن لأحد في حساب ، ولم تصلّ الجمعة ذلك اليوم بزبيد ، ودخلها حسين بعد عصر الجمعة ، فلما استقر بالدار الكبيرة صاح للناس بالأمان وأمر العسكر بالكف عن النّهب فلم يمتثلوا لأمره ولا أصغوا إلى كلامه ، فأقاموا ينهبون البلاد ثلاثة أيام ، وسكنوا البيوت وأخرجوا أهلها منها ، واستولوا على ما فيها من الخبايا ، والدفائن ، وقتلوا جمعا من أهلها ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ثم استناب حسين بزبيد مملوكا لسلطان مصر يقال له برسباي ، وعضده بالشريف عز الدين بن أحمد بن دريب ، وخرج حسين من زبيد وركب في السفينة [من المتينة](١) وصاح برسباي للناس بالأمان ، وتوجه حسين وسلمان بمن بقي معهما من العساكر إلى زبيد ، وزيلع فأمدوهما بالبر والسمن والكباش والدراهم وغير ذلك ، وعزما من زيلع إلى بندر عدن (٢) ، وكان الموسم على ظهر (٣) سفر فلما رأى سلمان مراكب الموسم صارية (٤) قدم إلى مركب السلطان عامر وإسم المركب «الهاشمي» وأخذ منه الناخوذا والكراني (٥) وأنزلهم عنده ، ولم يغير على أحد من التجار شيء ، وطلع في المركب «الهاشمي» ناس من قبله ليقبضوا في الهند ما كان فيه بإسم السّلطان لا غير ، وطرد مركبا لشخص من
__________________
(١) ساقط من الأصل وأثبتناه من القلائد لوحة : ١٩٥.
(٢) هنا حذف من قبل المؤلف على أصل القلائد الذي ينقل عنه.
(٣) الموسم هنا هو موسم البحر أي أن هذه السفن على وشك الإقلاع.
(٤) من عبارات البحارة في ذلك الوقت وهي بمعنى السفينة التي تمخر عباب البحر واللفظة كلمة حضرمية دارجة أنظر الشهداء السبعة : ١٢٤.
(٥) الكراني : كاتب المركب والمكلف بتقديم قائمه لمحتويات مركبه عند وصولها إلى المواني (البحر الأحمر : ١٦٢).