ويستولي عليها ، فسقط ما في أيديهم وفشلوا وهربوا ناس من البلد ، فرمى سلمان في صيرة بجملة مدافع ولم تأثر في البلد لاستعلائها ، فكانت مدافعة تقع في أطراف البلد مما يلي شمسان ونحوها ، فلما رأى أهل البلدان أخذه صيرة لم يؤثر في البلد شيئا قويت قلوبهم ، وتراجعوا وبذل الأمير مرجان المال لعسكره فاستقوت همتهم واستعدوا لمحاربة المصريين ، فلما لم يظفر سلمان من البلد بطائل نزل من صيرة وركب مدافعه على الممشى المتقدم ذكره ليضرب السّور من قريب ، فرمى السور بمدافع عظيمة فهدم (١) من السور جانبا كبيرا ، فلما كان الليل سدّ أهل البلد ما انهدم من السور ، بقطع الفوة (٢) وجعلوا عليها من جهة الساحل مزاهى الكبير (٣) تلف (٤) بالخشب ، فكانت جليلة المدفع (٥) تصيب الخشبة وتمرق منها إلى الفوة ، فلما رأى سلمان ذلك لا يجدي شيئا استعد للقتال ، فنزل بعساكره سحر ليلة الأربعاء قبيل الفجر بساعة في شهر شعبان ، فرموا إلى البلد بالنّبل والجليلات والمدافع ، وعلا بعضهم على السّور ، فنصب به العلم فتقدّم إليه بعض عسكر البلد فقتله ورمى بالعلم ، فلما أصبح الفجر خرج عسكر البلد لقتالهم ، فلم يزل الحرب بينهم مستقيمة إلى نحو ربع النهار ، ثم رجع سلمان إلى مراكبه منهزما ، وأما برسباي فإنه لما استقر بزبيد قرّب أحوال الناس ، وأظهر حسن السّياسة والتدبير ومشى بالنّاس مشيا حسنا ، وأقام بزبيد إلى أثناء شهر شعبان ، وأمر بنصب خيامه خارج باب الشبارق ، وأقام ثلاثة أيام ، فجمع العساكر ثم سار بهم إلى حيس ، يقال كان غرضه المسير إلى عدن طريق
__________________
(١) القلائد (الصوفي) كتاب البحر الأحمر : ١٦٤ «فحتف».
(٢) الفوة : بنت يصبغ به ويبدو من عبارة المؤلف أن الفوه هنا هي المخلفات المتبقية منها.
(٣) كذا في الأصل وفي القلائد مزاهي الكسى ومخطوطه (البحر الأحمر) : الكبنى.
(٤) القلائد : ملئت بالخيش.
(٥) القلائد : فكانت حجر المدفع تثقب الخيشة وتمرق منها إلى الفوة فتنشب فيها.