الدين محمد بن الحسين القماط وغيرهما ، ثم رجع إلى الشحر ، فأخذ عن عالمها الفقيه الصّالح عفيف الدين عبد الله بن عبد الرحمن فضل المعروف ببلحاج ، ولازمه وهو الذي سعى له في وظيفة القضاء بالشحر في أواخر أيام السّلطان عبد الله بن جعفر فولاه القضاء ، وذلك أول سنة عشر بعد وفاة الفقيه القاضي الصّالح عبد الله بن عقيل بافضل بنحو سنتين ، ولم يزل متوليّا بها القضاء إلى أن عزم الى الحج ، وكان رحمهالله يحب الطلبة ويؤهلهم ويحب الإفادة والاستفادة ، وكان لطيفا قريب الجناب (١) سليم الباطن ، ذكره الفقيه عبد الله بامخرمة في ذيل طبقات الإسنوي ، وذكر أنه من شيوخه ، وكان كثير الإعتناء بكتاب الروضة [واعتنى بحاشية على «الروضة» لكن عدمت في آخر أيامه وبعد وفاته ، والسبب في ذلك أن أحد أولاده دخل بها الهند حتى أنها عدمت ولم تظهر](٢) وحكى أنه قدم إلى الشّحر في بعض السّنين بعض السياحين ، فقام ذات يوم إلى القاضي عبد الله ، وقال له : يا سيدي كيف الطّريق إلى الله فأطرق القاضي ساعة ، ثم قال (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(٣) فخر ذلك السياح على أقدام القاضي يقبّلها.
فائدة : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من يخرج من بيته قاصدا للحج ومات قبل أن يحج ، فإن الله عزوجل يوكل ملكا ينوب عنه بالحج في كل عام إلى يوم القيامة» (٤).
قلت : وجرى. مثل هذا للشيخ القطب أبي الحسن الشاذلي نفع الله به ، فإنه سافر من بلده بنية الحج فمات قبل أن يحج ، وحكي أن الشيخ في
__________________
(١) النور السافر : الجانب.
(٢) ما بين المعكوفتين ساقط من مطبوعه النور السافر ، قلت كثيرا ما يورد المؤلف نصوصا لم ترد في مطبوعة النور السافر ، فلعل في المطبوعة نقصا كبيرا.
(٣) سورة الحشر ، الآية : ٧.
(٤) أخرجه البيهقي والدارقطني من حديث أبي هريره وعائشة ، قال في المغني عن حمل الأسفار ١ : ٢٤١ «بهامش الأحباء» وكلاهما ضعيف.