على لسان أميره سليمان باشة الطواشي ، عامل مصر وأعمالها ، وهو الذي أرسل الغراب القاصد والمرسومين المذكورين صحبة مملوكه فرحات شوباصي بأخبار التجريدة وأنها مرسولة لحرب الإفرنج ، وأن السلطان سليمان قد أذن بخروجها وهي متجهزة إن شاء الله ومع القاصد المذكور خلعة ومرسوم أيضا للشيخ عامر بن داؤد صاحب عدن ، وقد قرأ المرسوم وخلع عليه وأوعد القاصد بالجواب حتى يرجع من الشحر.
ولما كان ضحى يوم الاثنين والعشرين من ربيع الأول : اجتمع السلطان بدر وعسكره والقاصد وأصحابه لقراءة المراسيم بالجامع الشريف ، فقرأها الفقيه عبد الله بامخرمة قائما والسلطان قائما والناس قيام تواضعا لأمر سلطان الروم ، وخلعوا على السلطان بدر الخلعتين عند قراءة المراسيم ، وكان مضمونها إخبار التجريدة وعددها وعددها.
وفي يوم الجمعة رابع عشر الشهر المذكور : خطب في الجامع الخطيب للسّلطان سليمان وهو أول خطبة خطب للأروام في الشحر ، وعزم القاصد وجماعته يوم الأثنين تاسع ربيع الثّاني وهو شاكر يثني على السلطان بدر لما رأى منه من الحشمة والمروءة والمراعاة والعطايا الجزيلة وجوّب له جوابا شافيا كافيا بخط الفقيه عبد الله المذكور فلما مرّ بعدن دخلها للجواب من صاحبها الشيخ عامر بن داؤد بن طاهر فلم يجده بعدن وخرج إلى البّر لئلّا يلاقيهم ، وأمر أمراؤه ليعطوهم شيئا من الفلفل ، وأهمل أمرهم ، ولم يحتفل بالقاصد فحقد عليه ، وكان ذلك سبب هلاكه كما سيأتي ، واتفقوا بغراب عند خروجهم من الشّحر من الإفرنج بالجزر قريب الليل ، فقاتلوه وقتلوا منه جماعة ، وجرحوهم ، ودخل عليهم الليل فهرب الغراب الإفرنجي وظهر فوق حاوات بناحية المشقاص على ماء هنالك ، فلحقهم سعد بن عمرو المحمدي ، ومعه جماعة من المهرة في غراب له يريدون زيلع ، فهموا بقتالهم فصالحوهم الأفرنج على بعض شيء من المال ، وتركوهم يستقون ورجع الغراب إلى هرموز.