الشحر فأكرمه واليها السلطان العادل الفاضل الكامل بدر بن عبد الله بن علي الكثيري وصحبه ، وكان بينهما ألفة أكيدة ومودة شديدة ، ثم رجع إلى عدن وقد تولّى القضاء بها القاضي عبد الرحمن بن عبد العليم القماط ، ولم يزل يتردّد بين الشحر وعدن وأكثر إقامته بعدن ، وقرأ عليه جمع كثير صاروا أئمة ، منهم شيخنا الإمام عبد الله بن عبد الرحمن فضل رحمهالله ، والإمام جمال الدين محمد بن عمر قضام ، والفقيه العلامة الشيخ عثمان بن محمد العمودي ، والقاضي الإمام الفقيه العلامة جمال الدين محمد بن عمر بحرق وغيرهم من الأكابر ، وكان من العلوم بحيث يقضى له في كل فن بالجميع ، وكان مهابا حتى أن العلامة الصالح عفيف الدين الفقيه عبد الله بن عبسين رحمهالله تعالى يقول : أني لا أخاف أحد من العلماء إلا الفقيه عبد الله بن أحمد بامخرمة ، فإني أكاد أرعد من هيبته ، وكان الملوك في زمانه يخضعون له ويخافونه ، وكان امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر لا يراعي في الحق أحد ، ولا يخاف في الله لومة لائم ، وكان صاحبه الإمام الولي الّصالح جمال الدنيا والدين محمد بن أحمد بافضل كثير التّعظم له ، وبلغني أن الفقيه عبد الله رحمهالله سئل : أي أعلم أنت أم الفقيه محمد ، فقال : أنا أعلم منه وهو أورع مني ، أو قال أدين مني ، ومن مصنفاته فتاواه المجيدة الجيدة الوضع مجموعة ورتبها على أبواب الفقه ، وعمل على جامع المختصرات نكتا في مجلدة ، وكذا على ألفية النحو في كراريس مفيدة وشرح ملحة الحريري شرحا حسنا ، ولخص شرح ابن الهائم على هائميته ، إلى غير ذلك من الرسائل من الهندسة وغيرها ، قال الطيب بامخرمة في تاريخه : له النكت التي على جامع المختصرات للنشائي يذكر فيه المواضع التي ذكرها ووقعت في الكتاب على غير الصواب ، وله أيضا تأليف لطيف يذكر فيه المسائل التي ذكرها في الكتاب في غير مظنتها (١) على نمط «خبايا الزوايا» للزركشي ، وله شرح ابن ياسمين في الجبر
__________________
(١) قلائد : مظنها