الشهير بالعمودي نفع الله به ، توفي بالقنفدة بعد قفوله من الحج بمكة المشرفة ، وكان الشيخ عمر نفع الله به من كبار أهل العلم ، وكان يدرس ببلدة قيدون ويفتي بها.
ويحكى أنه ارتفع إليه اثنان في دعوى ، وكان أحدهما على الحق والآخر على الباطل فأشار عليهما الشيخ أن يصطلحا سترا للحال ، فأبى ذلك الرجل الذي كان مبطلا وقال : لا أرضى إلا بحكم الشرع ، فغضب الشيخ عند ذلك وقال أما إذا كان هكذا فشهود الملاحف (١) لا يجوزون عندي ، وكان ذلك الشخص أعطى اثنين كل واحد ثوبا حتى يشهد له فكاشفه الشيخ بذلك ، وحكى ولده الشيخ عبد الرحمن المتوفي بمكة الآتي ذكره إن شاء الله تعالى : أنه كان في مجلس وفيه جماعة من أهل الكشف فصدر من أحدهم سوء أدب عليه فعوقب ذلك الرجل بالسّلب في الحال ، وحكى أن الشيخ عمر رضياللهعنه بلغ رتبة القطبية (٢) وكان قد ولي المشيخة ببلده قيدون بعد أبيه على طريقة سلفه ، فلما آل الأمر في ذلك إلى سفك الدماء ونحوه ورجوع تلك الرتبة إلى قوانين الملك ترك ذلك وعزل نفسه زهدا فيها ورغبة فيما عند الله من الثواب ، وكان في زمنه يسوس الخلق على قانون الشرع الشريف ولا يحابى في الحق القوي على الضعيف ، فكرهته العامة لذلك وعزموا على أنهم يقتلونه (٣) ، ويولون مكانه أخاه عثمان ، فأخبر بذلك فقال : ما يحتاج إلى هذا وتركهم وما يريدون ، وعزم إلى مكة المشرفة ، فلما قفل منها مات بالقنفدة وقبره بها مشهور وعليه بناء عظيم يزار قبره ويتبرّك به ، ولم أقف له على ترجمة ولا ذكر
__________________
(١) الملاحف : جمع ملحفة وهو رداء يوضع على الكتف. وفي القاموس : اللحاف : كل ثوب يلتحف به أي يتغطى به.
(٢) القطبية من مصطلحات الصوفية والقطب عبارة عن رجل واحد موضع نظر الله تعالى من العالم في كل زمان ، ويسمى بالغوث ، وقطب الإرشاد ، وقطب المدار. أنظر (معجم مصطلحات الصوفية : ٢١٧).
(٣) كذا في الأصل وفي النور السافر : يقتلوه.