والاتصال الوهبي والاتحاد الحسبي فاشكر الله عزوجل وانطرح على باب إحسانه ، فإن نسيت حوت الإرادة النفسية عند صخرة التبّري من الحول والقوة ، ورجعت على سبيل الافتقار الحقيقي ، وجدت خضر التوفيق عند مجمع بحري مجانبة الدّعوى وتلقى «أنا عند حسن ظن عبدي بي» (١) بالتّصديق الجازم ، فيكشف عن قلبك حينئذ غلاف الأحسه (٢) وتنظر أهل الخصوصية نظر الارتياب فيه أجسامهم بين أهل الأرض تسعى ، وقلوبهم في غياض الملكوت ترعى ، فيأتيك جبريل سعادتك في غار حرا قباب عزة الولاية ، فتلقى إليك من وحي شرائع عبادات أهل التوحيد ومعاملات أهل التجريد ومناكحات محصنات التفريد ، ما يغنيك من عقوبات خيانات أيدي الشرك الخفي ، فإن كانت حوصلتك تحتمل الأغذية الثقيله من أطعمة الحقيقة ، أعطاك من ذلك ما رآك أهلا ، وإن كنت ضعيف المعدة واهي الطّبيعة غذّاك بلطائف الحقيقة في ظروف الطّريقة ، فلا تعد خطه المستقيم ولا تطلب منه غير ما مّد اليك فتستوجب العذاب الأليم ، ويحجبك قلّ أدبك عن نيل ثمرة الوصل الكريم ، في رياض روضات رب الفضل العظيم ، وعليك في غالب أحوالك بالتخلق بأخلاق الخاصة والتّزيي بزيّ العامة ، فإن الرجل من لا يقص له أثر ولا يقدر غير دليله أن يأتي للقوم من نار شجرة حاله بشي من الخبر ، واجعل قوتك تكرير هذه الكلمة الجليلة التي قيلت لسيدنا عبد القادر الجيلاني رضياللهعنه : ثبت قدميك بين أيدينا ، ولا ترى في الوجود تصريفا لسوانا ، يدم لك شهودنا ، واجعل شرابك بعد أكل هذا الطّعام تدبّر معناها واطراق عين النفس باصبع الوحدة عن رؤية الاثنينية يطيب لك العيش في جنات بنعيم المشاهدة ، ويقبل عليك أفراد الوجود حين تسعى زائد همتك بأنواع المساعدة ، والحذر كل الحذر من مجالسة من يجلو على عينك محاسن زينة الحياة الدنيا ومتابعة (مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ
__________________
(١) أخرجه بهذا اللفظ الذهبي في مختصر العلو : ٩٤.
(٢) كذا ولعله الأحجبة.