عبد الله بن عمر بن أحمد بامخرمة بعدن وعمره خمس وستون سنة ، وكان آية في العلم خصوصا الفقه والفلك أخذ عن والده الولي عمر وعمه العلامة الطيب والقاضي العلامة عبد الله بن أحمد باسرومي ، وكان يقول حال قراءته عليه : إني استفدت منه أكثر مما استفاد مني ، وجّد واجتهد حتى برع وانتصب للتدريس والفتوى ، وصار عمدة يرجع إلى فتواه. وانتهت إليه رئاسة العلم والفتوى في جميع الجهات وقصد بالفتاوى من الجهات النازحة والأقاليم البعيدة ، وكان عمه الطّيب يقول : لا أستطيع على ما يستطيع عليه ابن أخي في حلّ المشكلات وتحرير الجوابات على المسائل الغامضات ، وكان الشيخ الإمام العلامة جمال الدين محمد بن الإمام عبد القادر الحباني يعظمه جدّا ويرجحه على والده وكان معظم تحصيله وانتفاعه به ، وممن أخذ عنه من العلماء الأعلام شيخنا الفقيه جمال الدين محمد بن عبد الرحيم الجابري رحمهالله تعالى ومدحه الأديب أبو زكريا الدمشقي ببيتين :
يا عمري الأصل أنت مالكي |
|
ونافعي بفضله بين البشر |
ها قد رفعت سندي إليكم |
|
لمالك لنافع لابن عمر |
وبالجملة فكلامه وأبحاثه في كتبه وأجوبته تدلّ على قوّة فطنته وغزارة مادته ، وكان مع ذلك تغلب عليه الحرارة حتى على طلبته والكمال لله ، وكان بليغا فصيحا كاملا فاضلا في الأدب نادرة الوقت في النّظم والنثر ، فمن المقطّعات الغراب التي تحتمل قافيته معنيين ويسمى أيضا الإكتفاء عند أهل البديع :
قلت سلام الله من مغرم |
|
ما إن سلا عنكم فقالوا سلا |
فقلت هل ترضون لي وقفة |
|
قالوا فما تطلب قلت الكلا |
وله أيضا في المعنى :
يا بدرتم ماله مشبه |
|
ومن الحسن البديع الجلي |
اثقلني بعدك غبّ الهوى |
|
فامنن بوصل لي أكون الخلي |