المالكي المكي رحمهالله تعالى ومن غريب الإتفاق أن تاريخ يوم موته كان تاريخا له فتقدّم أنه مات في تاسع صفر وجاء تاريخه تسع في صفر رحمهالله ، وكان من أعيان مكة وفضلائها معظما فيها عند سلاطينها وكذلك عند الأروام وشهرته عند سلطان الروم ونوابه ووزرائها ، ولم يكن مثله في زمانه ولا قبله ولا بعده ، وكان جوادا مفضالا على رؤساء مكة وأكابرها وفقرائها ، لم يخلفه مثله وحزن على موته خصوصا أهل مكة ، ولبعض الفضلاء من أهل مكة هذا التخميس على هذين البيتين :
لهفي على بدر الوجود وسعده |
|
ومغيبه تحت الثرى في لحده |
مات الحسين المالكي بمجده |
|
يا دهر بع رتب العلا من بعده |
بيع الهوان ربحت أم لم تربح |
|
وارفع مرادك يا زمان كما ترى |
وارفع من الغوغا وحط ذوي الذرا |
|
لا تعتذر لذوي النهى عما جرى |
قدم وأخر من أردت من الورى |
|
مات الذي قد كنت منه تستحي |
وكانت له عقيدة أكيدة في السادة والصالحين ، وسببها أن والدته كانت تعتقد الولي الشهير السيد الشريف عبد الله بن الفقيه باعلوي فمرض ولدها صاحب الترجمة مرضا أشرف منه على الهلاك ، فطلبت من الشريف حصول الشفاء له وألحّت في ذلك ، وكان عنده الشيخ الصالح عبد الرحمن بن عمر العمودي ، فقال السيد عبد الله للشيخ عبد الرحمن ، عساك تتحمل عنه فإن الناس ينتفعون ببقائه ، فمن ذلك الوقت ابتدأت العافيه في القاضي حسين ، ومرض الشيخ عبد الرحمن من وقته ومات بعد أيام وشهد جنازته القاضي المذكور ، قلت : نظير هذه الحكاية ما حكاه الشيخ محي الدين بن عربي في فتوحاته عن بعض شيوخه : أن امرأة من بنات الملوك ممن كان النّاس ينتفعون بها وكان لها اعتقاد في هذا الشيخ فوجّهت إليه ليدخل عليها والملك الذي هو زوجها عندها ، فقام إليه فنظر إليها وهي في النزع ، فقال الشيخ : أدركوها قبل أن تقضى ، فقال بماذا فقال بديتها اشتروها فجيء إليه بديتها كاملة فوقف النزع والكرب الذي كانت فيه ،