وكان الفقيه الولي الصالح عبد الله بن أحمد بامخرمة يعظمه ويثني عليه برجحان العقل ، ويعترف له بالفضل ، جاور بمكة المشرفة سنتين وزار قبر جده المصطفى مرتين ، وكان في تلك المدة يقرأ العلم على الشيخ الأصولي الفقيه الصالح الولي عبد الله بن أحمد باكثير ، والقاضي إبراهيم بن أحمد بامخرمة ، وعلى الفقيه محمد بن محمد بافضل بعدن ، وعلى الفقيه السيد الشريف محمد بن عبد الرحمن الأسقع كتاب «الحاوي» وأكثر «منهاج» النووي ، وقرأ على الفقيه عبد الله بن علي أبا مدرك ، وعلى الفقيه العلامة الزّاهد عبد الله بن عبد الرحمن بلحاج بافضل في النحو والفقه وعلم الفلك ، وعلى القاضي عمر الجبني (١) اليمني ، انتهى.
وحكي عن والده الشيخ عبد الله العيدروس أنه كان يقول : كنت كثير الدعاء في سجودي أن يرزقني الله ولدا عالما ، وأرجو أن يكون الحسين ، وروي عن أخيه الشيخ أبي بكر العيدروس أنه كان يقول : حسين أكرم مني فقيل له في ذلك ، فقال : ينفق عن ضيق لكونه بحضرموت ، ونحن ننفق عن سعه ، رحمهماالله ونفعنا بهما آمين ، وكان مشاركا في جميع العلوم المنطوق منها والمفهوم ، وله إجازات كثيرة من علماء آفاقيين (٢) ، منهم الفقيه العلامة محمد بن عبد الرحمن السّخاوي المصري وغيره ، وله الكلمة النافذة والجاه الواسع والصّيت الشاسع والكرامات الظاهرة القاهرة ، ومنها ما حكى عبد الرحمن الخطيب قال : صليت وراء سيدي حسين بن عبد الله العيدروس نفع الله به صبح يوم الجمعة ، فقرأ السّجدة فأصابتني حقنة (٣) وهممت بمفارقته فقرأ في الثانية سورة الإخلاص فأسرع ، فعجبت لذلك وظننت أن له حاجة أيضا ، فلبث في مصلّاه حتى طلعت الشّمس كعادته
__________________
(١) مطبوعة الغرر : الحبشي.
(٢) آفاقي نسبة إلى من كان من خارج البلد قال في المصباح والصواب في نسبته أن يقال أفقى.
(٣) الحقنة : هنا احتباس البول ومدافعته وأصله من حقن الرجل بوله حبسه وجمعه فهو حاقن.