أخبرنا أبو محمد بن أبي منصور اللّغوي في كتابه ، قال : قرىء على أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ ونحن نسمع ، قيل له : أنشدكم أبو
__________________
الوضوء مما مست النار؟ فسمعت أبي يقول : هذا حديث مضطرب المتن ، إنما هو : إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أكل كتفا ولم يتوض. كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر عن جابر ، ويحتمل أن يكون شعيب حدث به من حفظه فوهم فيه».
قلت : وقد ساق أبو داود حديث ابن جريج عن محمد بن المنكدر ، قال : سمعت جابر ابن عبد الله يقول : قرّبت للنبي صلىاللهعليهوسلم خبزا ولحما فأكل ثم دعا بوضوء فتوضأ به ، ثم صلى الظهر ، ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ» (رقم ١٩١). ثم ساق حديث شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر هذا (١٩٢) وقال : هذا اختصار من الحديث الأول. وقال ابن حبان بعد سياقته لحديث حمزة المذكور (١١٣٤): «هذا خبر مختصر من حديث طويل ، اختصره شعيب بن أبي حمزة متوهما لنسخ إيجاب الوضوء مما مست النار مطلقا ، وإنما هو نسخ لإيجاب الوضوء مما مسّت النار ، خلا لحم الجزور فقط». فهذا مثل الذي قاله أبو داود وأبو حاتم الرازي. على أن ابن حزم أورد الحديثين في المحلى ٢ / ٢٤٣ ومقولة أبي داد وثم قال : «القطع بأن ذلك الحديث مختصر من هذا قول بالظن ، والظن أكذب الحديث ، بل هما حديثان كما وردا».
وأورده الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ١ / ١١٦ (رقم ١٥٥) وقال بعد الإشارة إلى أقوال أبي حاتم وأبي داود وابن حبان : «وله علة أخرى ؛ قال الشافعي في سنن حرملة : لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر ، إنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل. وقال البخاري في الأوسط : حدثنا علي ابن المديني ، قال : قلت لسفيان : إن أبا علقمة الفروي روى عن ابن المنكدر عن جابر أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أكل لحما ولم يتوضأ ، فقال : أحسبني سمعت ابن المنكدر قال : أخبرني من سمع جابرا. قال بشار : لكن يعكر على هذا إن كان هذا الحديث مختصرا من الحديث الأول أنّ محمد بن المنكدر قد صرّح بسماع الحديث الأول من جابر عند عبد الرزاق وأبي داود.
أخرجه أبو داود (١٩٢) ، والنسائي في المجتبى ١ / ١٠٨ وفي الكبرى (١٨٨) ، وابن خزيمة (٤٣) ، وابن حبان (١١٣٤) ، وابن الجارود في المنتقى (٢٤) ، والطحاوي في شرح المعاني ١ / ٦٧ ، والبيهقي في السنن الكبرى ١ / ١٥٥ و ١٥٦ ، والحازمي في الاعتبار ٤٨ ، وابن حزم في المحلى ١ / ٢٤٣.