أحد مماليك الخدمة الشّريفة الإماميّة النّاصرية ـ أعزّ الله أنصارها وضاعف اقتدارها ـ فلمّا وافاها أحسّ المخالف من نفسه بالضّعف والفشل ، فخرج عنها بمن تبعه على غيّه وفساد رأيه وبما قدر عليه من ماله وأثاثه ، قاصدا شيراز ملتجئا إلى من بها ، فدخل المعسكر المنصور تستر ، وهي قصبة هذه الولاية وبها دار مملكتها ، مظفّرين من غير إحواج إلى مجالدة. ثم أتبع المخالف ، وقد لحق شيراز ، فروسل من بها في تسليمه فسلّمه ، وعاد مؤيّد الدين والمعسكر المنصور به مظفّرين. وكان وصوله إلى مدينة السّلام في رابع عشري محرم سنة ثمان وست مئة.
وفي المحرم سنة ثلاث عشرة وست مئة خرج في خدمة الأميرين السّيّدين : الموفق أبي عبد الله الحسين والمؤيّد أبي محمد هاشم ابني الأمير السّيّد السّعيد المعظّم أبي الحسن عليّ ابن أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ـ إلى تستر في جمع كثير من الأمراء والأتباع ، وأقام معهما بها إلى أن خطب لهما بولاية تلك البلاد. وعاد في خدمة المؤيد منهما إلى بغداد في رابع عشري ربيع الآخر من السنة المذكورة ، وخرج إلى تلقيهما كافة الولاة والأعيان من النّاس.
ولم يزل ينصب نفسه ويبذل جهده في خدمة المواقف المقدّسة الطّاهرة الإمامية النّاصرية ـ أعزّ الله أولياءها وقهر أعداءها ـ في جميع الموارد والمصادر ويدين بنصحها وموالاتها ، والآراء الشريفة ملاحظة له ، وأمارات القبول ظاهرة عليه ، والله سبحانه يزيدها شرفا وقدسا ونورا واستبصارا ويؤيدها بحسن التّوفيق في جميع الأمور إنّه سميع قريب (١).
__________________
(١) لم يدم له ذلك إذ قبض عليه في شوال سنة تسع وعشرين وست مئة وعلى ولده أحمد ، وسجنا بدار الخلافة ، فهلك الابن أولا ، ومات أبوه بعده سنة ثلاثين. وكان ابنه هو سبب نكبته ، فقد أساء السيرة ، وتجبر ، وقطع الألسنة ، وسفك الدّم الحرام ، ولم يكفّه والده عن ذلك ، نسأل الله الستر والسلامة.