له خلعة ذكر أنه استقصرها واستزراها واستصغرها دون قدره ، واستقرّ السلطان صلاح الدين بداره ، وباتت الخلع مع الواصل بها شاه ملك برأس الطابية ، فلما كان العاشر منه خرج قاضي القضاة والشهود والمقرئون والخطباء إلى خيمته ، واستقرّ المسير بالخلعة ، وهو من الأصحاب النجمية ، وزينت البلد ابتهاجا بها ، وفيه ضربت النوب الثلاث بالباب الناصري على الرسم النوري في كل يوم ، فأما دمشق فالنوب المضروبة بها خمس على رسم قديم ، لأن الأتابكية لها قواعد ورسوم مستقرّة بينهم في بلادهم. وفي حادي عشرة ركب السلطان بالخلع وشق بين القصرين والقاهرة ، ولما بلغ باب زويلة نزع الخلع وأعادها إلى داره ، ثم شمّر للعب الأكرة ، ولم يزل الرسم كذلك في ملوك بني أيوب حتى انقضت أيامهم وقام من بعدهم مماليكهم الأتراك ، فجروا في ذلك على عادة ملوك بني أيوب إلى أن قام في مملكة مصر السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ وقتل هولاكو الخليفة المستعصم بالله ، وهو آخر خلفاء بني العباس ببغداد ، وقدم على الملك الظاهر أبو العباس ، أحمد بن الخليفة الظاهر بالله بن الخليفة الناصر ، في شهر رجب سنة تسع وخمسين وستمائة ، فتلقاه وأكرمه وبايعه ولقبه بالخليفة المستنصر بالله ، وخطب باسمه على المنابر ، ونقش السكة باسمه ، فلما كان في يوم الاثنين الرابع من شعبان ، ركب السلطان إلى خيمة ضربت له بالبستان الكبير من ظاهر القاهرة ، ولبس خلعة الخليفة ، وهي جبة سوداء وعمامة بنفسجية وطوق من ذهب وسيف بدّاويّ ، وجلس مجلسا عاما حضر فيه الخليفة والوزير القضاة والأمراء والشهود ، وصعد القاضي فخر الدين إبراهيم بن لقمان كاتب السرّ منبرا نصب له وقرأ تقليد السلطان الذي عهد به إليه الخليفة ، وكان بخط ابن لقمان ومن إنشائه ، ثم ركب السلطان بالخلعة والطوق ودخل من باب النصر وشق القاهرة ، وقد زينت له ، وحمل الوزير الصاحب بهاء الدين محمد بن عليّ بن حنا التقليد على رأسه قدّام السلطان ، والأمراء ومن دونهم مشاة بين يديه حتى خرج من باب زويلة إلى قلعة الجبل ، فكان يوما مشهودا.
وفي ثالث شوّال سنة اثنتين وستين وستمائة ، سلطن الملك الظاهر بيبرس ابنه الملك السعيد ناصر الدين محمد بركة خان ، وأركبه بشعار السلطنة ومشى قدّامه وشق القاهرة كما تقدّم وسائر الأمراء مشاة من باب النصر إلى قلعة الجبل ، وقد زينت القاهرة ، وآخر من ركب بشعار السلطنة وخلعة الخلافة والتقليد ، السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، عند دخوله إلى القاهرة من البلاد الشامية بعد قتل السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين ، واستيلائه على المملكة ، في ثامن جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وستمائة.
وقال المسبّحي في حوادث سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة نودي في السقائين أن يغطوا روايا الجمال والبغال لئلا تصيب ثياب الناس. وقال : في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة أمر العزيز بالله أمير المؤمنين بنصب أزيار الماء مملوءة ماء على الحوانيت ، ووقود المصابيح على الدور وفي الأسواق. وفي ثالث ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة أمر أمير