رضياللهعنه ، ولم يبلغنا أن عمر بن الخطاب رضياللهعنه أقطع أحدا من الناس شيئا من أرض مصر ، إلّا ابن سندر ، فإنه أقطعه منية الأصبغ ، فلم تزل له حتى مات ، فاشتراها الأصبغ بن عبد العزيز من ورثته ، فليس بمصر قطيعة أقدم منها ولا أفضل ، وكان سبب إقطاع عمر رضياللهعنه ما أقطعه من ذلك كما حدّثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيبة عن أبيه عن جدّه ، أنه كان لزنباع بن روح الجذاميّ غلام يقال له سندر ، فوجده يقبل جارية له ، فجبه وجدع أنفه وأذنه ، فأتى سندر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل إلى زنباع فقال : «لا تحملوهم من العمل ما لا يطيقون ، وأطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، فإن رضيتم فامسكوا ، وإن كرهتم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله ، ومن مثّل به أو أحرق بالنار فهو حرّ ، وهو مولى الله ورسوله ، فأعتق سندر فقال : أوص بي يا رسول الله. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أوصي بك كل مسلم» فلما توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتى سندر أبا بكر رضياللهعنه فقال : احفظ فيّ وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فعاله أبو بكر رضياللهعنه حتى توفي. ثم أتى عمر رضياللهعنه فقال : احفظ في وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال عمر رضياللهعنه : نعم إن رضيت أن تقيم عندي أجريت عليك ما كان يجرى عليك أبو بكر رضياللهعنه ، وإلا فانظر أيّ موضع أكتب لك. فقال سندر : مصر ، لأنها أرض ريف ، فكتب له إلى عمرو بن العاص : احفظ فيه وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فلما قدم إلى عمرو رضياللهعنه ، أقطع له أرضا واسعة ودارا ، فجعل سندر يعيش فيها ، فلما مات قبضت في مال الله تعالى.
قال عمرو بن شعيب : ثم اقطعها عبد العزيز بن مروان الأصبغ بعد ، فهي من خير أموالهم. قال : ويقال سندر وابن سندر ، وقال ابن يونس مسروح بن سندر الخصيّ مولى زنباع بن روح بن سلامة الجذاميّ ، يكنّى أبا الأسود ، له صحبة قدم مصر بعد الفتح بكتاب عمر بن الخطاب رضياللهعنه بالوصاة ، فأقطع منية الأصبغ بن عبد العزيز. روى عنه أهل مصر حديثين ، روى عنه مزيد بن عبد الله البرنيّ ، وربيعة بن لقيط التجيبيّ ، ويقال سندر الخصيّ ، وابن سندر أثبت ، توفي بمصر في أيام عبد العزيز بن مروان.
ويقال كان مولاه وجده يقبّل جارية له فجبه وجدع أنفه وأذنيه ، فأتى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشكا ذلك إليه ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى زنباع فقال : لا تحملوهم يعني العبيد ، ما لا يطيقون ، وأطعموهم مما تأكلون. فذكر الحديث بطوله ، وذكر عن عثمان بن سويد بن سندر ، أنه أدرك مسروح بن سندر الذي جدعه زنباع بن روح ، وكان جدّه لأمه ، فقال : كان ربما تغدّى معي بموضع من قرية عثمان واسمها سمسم ، وكان لابن سندر إلى جانبها قرية يقال لها قلون ، قطيعة ، وكان له مال كثير من رقيق وغير ذلك ، وكان ذا دهاء منكرا جسيما ، وعمر حتى أدرك زمان عبد الملك بن مروان ، وكان لروح بن سلامة أبي زنباع ، فورثه أهل التعدد بروح يوم مات ، وقال القضاعيّ : مسروح بن سندر الخصيّ ، ويكنى أبا الأسود ، له صحبة ، ويقال له سندر ، ودخل مصر بعد الفتح سنة اثنتين وعشرين.