سنة سبع وثلاثمائة ، وجعل ما يفضل عن جميع ذلك مصروفا في ابتياع بقر وكباش تذبح ويطبخ لحمها ، ويبتاع أيضا معها خبز برّ ودراهم وأكسية وأعبية ويتصدّق بذلك على الفقراء والمساكين بالمغافر وغيرها من القبائل بمصر ، وكان بناؤه السقايتين اللتين بالموقف والسقايات التي بالمغافر وبزوف وبيحصب وبني وائل ، وعمل المجاري في سنة أربع ، وقيل في سنة ثلاثمائة وقد حبس أبو بكر على الحرمين ضياعا كان ارتفاعها نحو مائة وألف دينار ، ومنها سيوط وأعمالها وغيرها. انتهى.
وفي تواريخ النصارى : أن الأمير أحمد بن طولون صادر البطريق ميخائيل بطرك اليعاقبة على عشرين ألف دينار ، فباع النصارى رباع الكنائس بالاسكندرية وأرض الحبش بظاهر مصر والكنيسة المجاورة للمعلقة بقصر الشمع بمصر لليهود. قلت هكذا في تواريخهم ، ولا أعلم كيف ملكوا أرض الحبش ، فلعلّ الماردانيّ هو الذي اشتراها ، ثم وقفها.
وقال ابن المتوج : بركة الحبش هذه البركة مشهورة في مكانها ، وقد اتصل ثبوت وقفها عند قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله محمد بن سعد الله بن جماعة رحمة الله عليه ، على أنها وقف على الأشراف الأقارب والطالبيين نصيف ، بينهما بالسوية ، النصف الأوّل على الأقارب والنصف الآخر على الطالبيين ، وثبت قبله عند قاضي القضاة بدر الدين أبي المحاسن يوسف بن الحسن السنجاريّ أن النصف منها وقف على الأشراف الأقارب بالاستفاضة ، بتاريخ ثالث عشر ربيع الأوّل سنة أربعين وستمائة ، وهم الأقارب الحسينيون ، وهو إذ ذاك قاضي القضاة بالقاهرة والوجه البحريّ ، وما مع ذلك من البلاد الشامية المضافة إلى ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب ، وثبت عند قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام رحمهالله تعالى ، وكان قاضي القضاة بمصر والوجه القبليّ ، وخطيب مصر بالاستفاضة أيضا ، أن البركة المذكورة وقف على الأشراف الطالبيين بتاريخ التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة ، وبعدهما قاضي القضاة وجيه الدين البهنسيّ في ولايته ، ثم نفذهما بعد تنفيذ وجيه الدين المذكور في شعبان سنة ثلاث عشرة وسبعمائة قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن جماعة ، وهو حاكم الديار المصرية ، خلا ثغر الإسكندرية ، ويأتي أصل خبر هذه البركة مبينا مشروحا من أصلها في مكانه إن شاء الله تعالى.
قال : فمن جملة الأوقاف بركة الأشراف المشهورة ببركة الحبش ، وهذه البركة حدودها أربعة ، الحدّ القبليّ ينتهي بعضه إلى أرض العدوية ، يفصل بينهما جسر هناك وباقية إلى غيطان بساتين الوزير ، والحدّ البحريّ ينتهي بضعه إلى أبنية الآدر التي هناك المطلة عليها ، وإلى الطريق ، وإلى الجسر الفاصل بينها ، وبين بركة الشعيبية. والحدّ الشرقيّ إلى