عنه أنه اجتمع بآخر نفاه أو قبض عليه.
واختلف زي الأمراء والعساكر في الدولة التركية ، وقد بينا ما كان عليه زيّهم حتى غيره الملك المنصور قلاون عند ذكر سوق الشرابشيين ، وصار زيهم إذا دخلوا إلى الخدمة ، بالأقبية التترية والكلاوات فوقها ، ثم القباء الإسلاميّ فوقها ، وعليه تشدّ المنطقة والسيف. ويتميز الأمراء والمقدّمون وأعيان الجند بلبس أقبية قصيرة الأكمام فوق ذلك ، وتكون أكمامها أقصر من القباء التحتانيّ ، بلا تفاوت كبير في قصر الكمّ والطول ، وعلى رؤوسهم كلهم كلوتات صغار غالبها من الصوف الملطيّ الأحمر ، وتضرب ويلف فوقها عمائم صغار ، ثم زادوا في قدر الكلوتات وما يلفّ فوقها في أيام الأمير بلبغا الخاصكيّ ، القائم بدولة الأشرف شعبان بن حسين ، وعرفت بالكلوتات الطرخانية ، وصاروا يسمون تلك الصغيرة ناصرية ، فلما كانت أيام الظاهر برقوق بالغوا في كبر الكلوتات ، وعملوا في شدّتها عوجا ، وقيل لها كلوتات جركسية ، وهم على ذلك إلى اليوم. ومن زيهم لبس المهماز على الإخفاف ، ويعمل المنديل في الحياصة (١) على الصولق من الجانب الأيمن ، ومعظم حوائص المماليك فضة ، وفيهم من كان يعملها من الذهب ، وربما عملت باليشم وكانت حوائص أمراء المئين الأكابر ، التي تخرج إليهم مع الخلع السلطانية من خزانة الخاص ، يرصّع ذهبها بالجواهر. وكان معظم العسكر يلبس الطراز ، ولا يكفت مهمازه بالذهب ، ولا يلبس الطراز إلّا من له إقطاع في الحلقة ، وأما من هو بالحامكية أو من أجناد الأمراء ، فلا يكفت مهمازه بالذهب ولا يلبس طرازا ، وكانت العساكر من الأمراء وغيرهم تلبس المنوّع من الكمخا والخطاي والكبخي والمخمل والإسكندرانيّ والشرب ومن النصافي والأصواف الملوّنة. ثم بطل لبس الحرير في أيام الظاهر برقوق ، واقتصروا إلى اليوم على لبس الصوف الملوّن في الشتاء ، ولبس النصافي المصقول في الصيف.
وكانت العادة أن السلطان يتولى بنفسه استخدام الجند ، فإذا وقف قدّامه من يطلب الإقطاع المحلول ، ووقع اختياره على أحد ، أمر ناظر الجيش بالكتابة له ، فيكتب ورقة مختصرة تسمى المثال ، مضمونها حيز فلان كذا ، ثم يكتب فوقه اسم المستقرّ له ، ويناولها السلطان فيكتب عليها بخطه ، يكتب ويعطيها الحاجب لمن رسم له ، فيقبّل الأرض ، ثم يعاد المثال إلى ديوان الجيش فيحفظ شاهدا عندهم ، ثم تكتب مربعة مكملة بخطوط جميع مباشري ديوان الإقطاع ، وهم كتاب ديوان الجيش ، فيرسمون علاماتهم عليها ، ثم تحمل إلى ديوان الإنشاء والمكاتبات ، فيكتب المنشور ويعلّم عليه السلطان كما تقدّم ذكره ، ثم يكمل المنشور بخطوط كتاب ديوان الجيش بعد المقابلة على حجة أصله.
واستجدّ السلطان الملك المنصور قلاون طائفة سمّاها البحرية ، وهي أن البحرية
__________________
(١) الحياصة : سير يشدّ به حزام السرج.