وافر ، وينعم على أمراء المئين بخيول مسرجة ملجمة ، ومن عداهم بخيول عري ، ويميز خاصتهم على عامتهم ، وكان لجميع الأمراء من المئين والطبلخاناه والعشراوات على السلطان الرواتب الجارية في كلّ يوم ، من اللحم وتوابله كلها والخبز ، والشعير لعليق الخيل ، والزيت. ولبععضهم الشمع والسكّر والكسوة في كلّ سنة. وكذلك لجميع ممليك السلطان وذوي الوظائف من الجند ، وكانت العادة إذا نشأ لأحد الأمراء ولد ، أطلق له دنانير ولحم وخبز وعليق ، حتى يتأهل للإقطاع في جملة الحلقة ، ثم منهم من ينتقل إلى إمرة عشرة أو إلى إمرة طبلخاناه ، بحسب الحظ ، واتفق للأميرين طرنطاي وكتبغا أنّ كلا منهما زوّج ولده بابنة الآخر ، وعمل لذلك المهم العظيم ، ثم سأل الأمير طرنطاي ، وهو إذ ذاك نائب السلطان ، الأمير بيلبك الأيدمريّ والأمير طيبرس أن يسألا السلطان الملك المنصور قلاون في الإنعام على ولده وولد الأمير كتبغابا قطاعين في الحلقة ، فقال لهما : والله لو رأيتهما في مصاف القتال يضربان بالسيف ، أو كانا في زحف قدّامي ، أستقبح أن أعطي لهما أخبازا في الحلقة ، خشية أن يقال أعطى الصبيان الأخباز ، ولم يجب سؤالهما هذا. وهم من قد عرفت.
لكن كان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي رحمهالله ، إذا مات الجنديّ أعطى إقطاعه لولده ، فإن كان صغيرا رتب معه من يلى أمره حتى يكبر ، فكان أجناده يقولون : الإقطاعات أملاكنا يرثها أولادنا الولد عن الوالد ، فنحن نقاتل عليها. وبه اقتدى كثير من ملوك مصر في ذلك. وللأمراء المقدّمين حوائص ذهب في وقت الركوب إلى الميدان ، ولكلّ أمير من الخواص على السلطان مرتب من السكر والحلوى في شهر رمضان ، ولسائرهم الأضحية في عيد الأضحى على مقادير رتبهم ، ولهم البرسيم لتربيع دوابهم ، ويكون في تلك المدجة بدل العليق المرتب لهم ، وكانت الخيول السلطانية تفرّق على الأمراء مرّتين في كلّ سنة ، مرّة عند ما يخرج السلطان إلى مرابط خيوله في الربيع عند اكتمال تربيعها ، ومرّة عند لعبه بالأكرة في الميدان. ولخاصة السلطان المقرّبين زيادة كثيرة من ذلك ، بحيث يصل إلى بعضهم في السنة مائة فرس ، ويفرّق السلطان أيضا الخيول على المماليك السلطانية في أوقات أخر ، وربما يعطى بعض مقدّمي الحلقة ، ومن نفق له فرس من المماليك ، يحضر من لحمه والشهادة بأنه نفق ، فيعطى بدله. ولخاصة السلطان المقرّبين أنعام من الإنعامات ، كالعقارات والأبنية الضخمة التي ربما أنفق على بعضها زيادة على مائة ألف دينار ، ووقع هذا في الأيام الناصرية مرارا ، كما ذكر عند ذكر الدول من هذا الكتاب ، ولهم أيضا كساوى القماش المنوّع ، ولهم عند سفرهم إلى الصيد وغيره العلوفات والأنزال ، وكانت لهم آداب لا يخلّون بها ، منها أنهم إذا أدخلوا إلى الخدمة بالإيوان أو القصر ، وقف كلّ أمير في مكانه المعروف به ، ولا يجسر أحد منهم ولا من المماليك أن يحدّث رفيقه في الخدمة ولا بكلمة واحدة ، ولا يلتفت إلى نحوه أيضا ، ولا يجسر أحد منهم ولا من المماليك أن يجتمع بصاحبه في نزهة ولا في رمي النشاب ولا غير ذلك ، ومن بلغ السلطان