عن يوسف بن محمّد بن زياد ، وعلي بن محمّد بن سيّار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي العسكري ، عن آبائه ، عن الصادق عليهالسلام ـ في حديث طويل ـ قال : إنّ من اتّبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعتُ غثاء العامّة (١) تعظّمه وتصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني ، فرأيته قد أحدق به خلق كثير من غثاء العامّة ، فما زال يراوغهم حتى فارقهم ولم يقر ، فتبعته فلم يلبث أن مرّ بخبّاز فتغفّله فأخذ من دكّانه رغيفين مسارقة فتعجّبت منه ، ثمّ قلت في نفسي : لعلّه معاملة ، ثم مرّ بعده بصاحب رمّان فما زال به حتى تغفّله وأخذ من عنده رمّانتين مسارقه فتعجّبت منه ، ثمّ قلت في نفسي : لعلّه معاملة ، ثمّ أقول : وما حاجته إذاً إلى المسارقة ؟! ثمّ لم أزل أتبعه حتى مرّ بمريض فوضع الرغيفين والرمّانتين بين يديه ـ ثم ذكر أنّه سأله عن فعله ـ فقال له : لعلّك جعفر بن محمّد ؟ قلت : بلى ، فقال لي : فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك ؟! فقلت : وما الذي جهلت منه ؟ قال : قول الله عزّ وجلّ : ( مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا ) (٢) ، وإنّي لمّا سرقت الرغيفين كانت سيّئتين ، ولمّا سرقت الرمّانتين كانت سيّئتين ، فهذه أربع سيّئات ، فلمّا تصدّقت بكلّ واحدة منها كان لي أربعين حسنة ، فانتقص من أربعين حسنة أربع سيّئات وبقى لي ستّ وثلاثون حسنة ، فقلت له : ثكلتك اُمّك ، أنت الجاهل بكتاب الله ، أما سمعت الله عزّ وجلّ يقول : ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ ) (٣) إنّك لما سرقت رغيفين كانت سيّئتين ، ولما سرقت رمّانتين كانت أيضا سيّئتين ، ولمّا دفعتهما إلى غير صاحبهما بغير أمر صاحبهما كنت إنّما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات ، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات فجعل يلاحظني فانصرفت وتركته ،
__________________
(١) في الاحتجاج : الناس ( هامش المخطوط ).
(٢) الأنعام ٦ : ١٦٠.
(٣) المائدة ٥ : ٢٧.