ومعنى هذا انّ اعتلاء المنبر وموعظة الناس ليس عمل أيّ كان ، بل يستلزم توفّر بعض الشروط والمواصفات ، وكثيرا ما كان العلماء الكبار الحريصون على الدين ينصحون ويوجهون في هذا المجال تحريريا وشفويا ، ومن جملتهم المرحوم الميرزا حسين النوري الذي حدد في كتابه القيم «لؤلؤ ومرجان» الآداب التي يجب أن يتحلّى بها الوعاظ ، وأشار إلى أن الاخلاص هو الدرجة الاولى للمنبر ، و «الصدق» درجته الثانية ، وتطرّق إلى ذكر بعض النقاط التي اعتبرها «مهالك عظيمة للقراء والوعاظ» وهي كما يلي :
١ ـ الرياء والعمل لاجل الدنيا.
٢ ـ جعل قراءة الذكر وسيلة للكسب.
٣ ـ بيع المرء آخرته بدنياه أو بدنيا غيره.
٤ ـ عدم العمل بالأقوال التي ينقلها في حديثه.
٥ ـ الكذب من على المنبر وعدم التزام الصدق في الأحاديث والحكايات.
وتناول تلميذه المرحوم المحدّث القمّي في كتابه «منتهى الآمال» (١) عرضا مسهبا لقبح الكذب في مجالس العزاء والمنبر وقراءة المراثي ، والاستفادة من طور الاغاني في قراءة العزاء ، وعدم مراعاة الدقّة في نقل النصوص التاريخية ، وافرد بابا تحت عنوان «نصح وتحذير» يحذر فيه أصحاب المنبر من الابتلاء بالكذب والافتراء على الله والائمة والعلماء ، والغناء ، وارغام الصبيان المرد على القراءة بألحان الفسوق ، والمجيء بدون اذن ـ بل وبعد النهي الصريح ـ بيوت الناس واعتلاء المنبر والاساءة إلى الحاضرين بكلمات بذيئة لعدم بكائهم ، والترويج للباطل عند الدعاء ، ومدح من لا يستحق المدح ، والاتيان بما من شأنه ايجاد الغرور لدى المجرمين ، والجرأة لدى الفاسقين ، وخلط حديث بحديث آخر
__________________
(١) منتهى الآمال ١ : ٣٤١ ، وفي هذا المجال راجع كتاب «الملحمة الحسينية» و «تحريف عاشوراء» للشهيد مطهري.