المعركة عند المبارزة ، ولهذا فقد تحتمل أحيانا اللحن والركّة» (١).
كان أكثر الأشخاص عند البراز إلى القتال ينشدون من أشعار العرب ما يوافق حالهم. وإذا كان للمقاتل نفسه قريحة شعرية ، فانّه كان ينظم الشعر ارتجاليا على البديهة يذكر فيه اسمه واسم أبيه واسم قبيلته ، مشيرا إلى مفاخره ومناقب قبيلته من أجل تعزيز معنوياته ولا رهاب الخصم. «كان الرجز هو النشيد العسكري السائد في تلك العصور ، فيه يتغنّى المقاتلون أثناء الحرب ، ويفتخرون بشجاعتهم وبطولاتهم ويتوعّدون أعداءهم بالقتل والهزيمة. لقد اصبح الرجز في تلك المعارك كسلاح من أسلحة القتال يعتمد عليه المقاتلون كما يعتمدون على آلات الحروب من السيوف والسهام والرماح» (٢).
وفي كربلاء أيضا أنشد الحسين وابناؤه واخوته وأنصاره الرجز في ساحة القتال. وكان الرجز الذي يقرأه أصحاب الإمام الحسين عليهالسلام في يوم عاشوراء معبّرا عن العقيدة والهدف الذي يستقبلون من أجله الشهادة ، ويدلّ على مدى ثباتهم ووعيهم وعمق بصيرتهم. فأبو الفضل مثلا كان يرتجز قائلا :
والله ان قطعتموا يميني |
|
انّي احامي أبدا عن ديني |
وكان القاسم بن الحسين عليهالسلام يرتجز ويقول :
إن تنكروني فأنا ابن الحسن ...
وكان عمرو بن جنادة يرتجز قائلا :
أميري حسين ونعم الأمير |
|
سرور فؤادي البشير النذير |
وكان علي الأكبر ينشد :
انا علي بن الحسين بن علي |
|
نحن وبيت الله أولى بالنبي |
تالله لا يحكم فينا ابن الدعي |
|
أضرب بالسيف احامي عن أبي |
__________________
(١) دائرة المعارف الاسلامية ١٠ : ٥٠ وما بعدها (مع التلخيص).
(٢) حياة الإمام الحسين ٣ : ١٥٥.