أصحاب القصور والمتسلّطين ...» (١) ، وقوله : «لو لا عاشوراء لساد منطق جاهلية أبي سفيان ومن هو على شاكلته ممّن كانوا يستهدفون القضاء على أي وجود للوحي والقرآن ، وكان يزيد تذكار عصر عبادة الاصنام المقيت يظن ان قتل ابناء الوحي قد يعينه على هدم صرح الاسلام ، وطي صفحة الحكومة الاسلامية بصراحة وباعلانه (لا خبر جاء ولا وحي نزل) ، ولو لا عاشوراء لكان من غير الواضح ما الذي سيحل بالقرآن الكريم والاسلام العزيز» (٢).
سار الامام الحسين من مكّة إلى الكوفة بدعوة من أهاليها لكي ينضم الى الشيعة الثوريين فيها ويتسلّم زمام قيادتهم بيده ، وقبل بلوغ الكوفة حاصره جيش ابن زياد في كربلاء ولكنه ابى ان يبايع حكومة يزيد الظالمة الغاصبة ، فقاتله جيش الكوفة ، فقاتل هو واصحابه في يوم عاشوراء ببسالة منقطعة النظير حتّى قتلوا وهم عطاشى ، واقتيد الباقون من قافلة النور اسرى بيد قوى الظلم واخذوا إلى الكوفة ، وسطّر اصحابه الاثنان والسبعون افخر ملحمة في تاريخ البشرية وخلدوا ذكراهم في قلب التاريخ والضمير البشري. أو كما وصف احد الكتاب المعاصرين عاشوراء بالقول : «عاشوراء مائدة روح الانسان الفسيحة على مدى العصور ، وتجسيد لسمو الضمير في محكمة التاريخ ، وانعكاس لصلابة وشجاعة الانسان في موضع تجلّي الايمان ، وطواف الدم في احرام الصيحة ، وتجلي الكعبة في ميقات الدم. عاشوراء اعادة لقراءة التوراة والانجيل والزبور في معبد الاقدام ، وترتيل آيات القرآن في الواح الأبدية ، وهو دم الله الجاري في اوردة التنزيل ، والحنجرة الدامية لجبل «حراء» في ذروة الابلاغ ، وصراع جديد بين محمد صلىاللهعليهوآله وجاهلية بني اميّة وشرك قريش ، وتجديد لمطلع رجز «بدر» و «حنين» ، وانفجار الصلاة في الشهادة وانفجار الشهادة في الصلاة ، وتبلور ابّهة خلود الحقّ في خندق حتف
__________________
(١) صحيفة النور ٩ : ٥٧.
(٢) صحيفة النور ١٤ : ٢٦٥.