وعدم ادخار شيء للدار ، واظهار الحزن والأسى وما الى ذلك (١).
لم تكن الظروف في العهدين الاموي والعبّاسي تسمح باقامة شعائر العزاء بشكل علني وواسع على الحسين. ولكن حينما توفرت الظروف المناسبة كان الشيعة يقيمون شعائر العزاء بأبهى صورة ممكنة ، وذكرت كتب التاريخ أن معزّ الدولة الديلمي ألزم أهل بغداد النوح واقامة المأتم على الحسين عليهالسلام وأمر بغلق الأبواب وعلّقت عليها المسوح ومنع الطباخين من الاطعمة وان تخرج النساء بثياب سوداء ويند بن الحسين ، واستمر هذا لعدّة سنوات ولم يستطع السنّة منعه لأن الحكومة كانت بيد الشيعة (٢).
اعتبرت واقعة عاشوراء منذ عدّة قرون مضت رمزا ليوم صراع الحق والباطل ، ورمزا ليوم الفداء والتضحية في سبيل الدين ؛ ففي هذا اليوم واجه الحسين بن علي عليهماالسلام بفئة قليلة ولكن مؤمنة وصابرة وتتحلى بالعزّة والصلابة والعظمة جيش حكومة يزيد على كثرة عدده وكمال عدته ، ولكنه كان مجردا من الدين والرأفة ، وجعل من كربلاء ساحة للبطولة والحرية ، ومع ان يوم عاشوراء كان يوم واحدا من الصراع إلّا انّ نطاق تأثيره امتد إلى الأبد ، ودخل في اعماق الضمائر والقلوب حتّى صارت العشرة الاولى من محرم وخاصة اليوم العاشر منه فرصة تبرز فيها ذروة المحبة والولاء لعلم الحرية ، واسوة الجهاد والشهادة الحسين بن علي عليهماالسلام ، حتى ان غير الشيعة يبجّلون سمو ارواح اولئك الرجال العظام.
عاشوراء يعكس معنى «حسين مني وانا من حسين» إذ ان دين رسول الله سقته وأحيته دماء الحسين. أو كما عبّر احد العلماء عن هذه الحقيقة بقوله : «... كان يوم عاشوراء يوم ثورة عدد قليل من دعاة العدالة المؤمنين ضد الجائرين من
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٠ : ٣٩٤ ، سفينة البحار ٢ : ١٩٦.
(٢) سفينة البحار ٢ : ١٩٦.