ترك استشهاد العباس مرارة وألما في قلب الحسين ، ولما سار مصرعه ووقف عند رأسه قال قولته الطافحة بالالم والأسى : «الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي» (١) وبقي جسده الى جانب نهر العلقمي فيما رجع الحسين الى الخيام واخبر اهل البيت بمصرعه ، ودفن ـ حين دفنت أجساد أهل البيت ـ فى نفس ذلك الموضع. ولهذا السبب نلاحظ اليوم وجود هذه المسافة الفاصلة بين مرقد العباس ومرقد الحسين عليهماالسلام.
ان للعبّاس عليهالسلام مكانة جليلة ، والتعابير الرفيعة الواردة في زيارته تعكس هذه الحقيقة. وتنصّ زيارته المنقولة عن الامام الصادق عليهالسلام على عبارات من قبيل : «السلام عليك أيّها العبد الصالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين ... اشهد انك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله ، المناصحون في جهاد اعدائه ، المبالغون في نصرة أوليائه ، الذّابّون عن أحبّائه ...» (٢) ، وهي تؤكد على ما كان يتصف به من العبودية لله والصلاح والطاعة ، وانه استمرار لخط مجاهدي بدر ، واولياء الله والمدافعين عن أولياء الله. وقد وصف الامام السجاد عليهالسلام المعالم البارزة لشخصية العباس بن علي بالشكل التالي : «رحم الله عمي العباس فلقد آثر وابلى وفدا أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فابدله الله عزوجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل جعفر بن أبي طالب. وانّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة» (٣).
جاء اسمه في زيارة الناحية المقدسة على لسان الامام المهدي عليهالسلام ، وسلّم عليه كالآتي : «السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين ، المواسي
__________________
(١) معالي السبطين ١ : ٤٤٦ ، مقتل الخوارزمي ٢ : ٣٠.
(٢) مفاتيح الجنان : ٤٣٥.
(٣) سفينة البحار ٢ : ١٥٥.