عام ٦١ للهجرة ، وغمرت أمواجها جميع الحقب التاريخية على امتداد العالم ، تربتها تفوح منها رائحة الدم ، ولترابها قدسية ومنه تستلهم العبر والدروس ، ونقلت في فضلها روايات كثيرة.
بعد معركة صفّين مرّ أمير المؤمنين عليهالسلام بارض كربلاء واغرورقت عيناه بالدموع وقال : «... مصارع عشاق شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم ، ولا يلحقهم من بعدهم ...» (١) ، ولهذا السبب صارت كربلاء تعرف برمز التضحية والايثار وحب الشهادة والشوق والحماس ، وظلت على مدى التاريخ بؤرة لاسمى معاني المحبّة تجتذب إليها القلوب الوالهة للمعرفة.
جاء في الروايات ان أبا عبد الله عليهالسلام اشترى الارض المحيطة بقبره من أهل نينوى والغاضرية بمبلغ ستّين الف درهم ، ودفعها لهم صدقة بشرط ان يدلّوا الناس على قبره ويضيّفون القادم لزيارة قبره لثلاثة.
لقد ظلّت هذه البقعة أرض جرداء حتّى عام ٦١ للهجرة ، لكنها اصبحت منذ ذلك التاريخ فصاعدا موضع اهتمام شيعة آل علي عليهالسلام على اثر استشهاد الحسين فيها. واضحت بعد بناء اضرحة الشهداء فيها مركزا لتجمّع السكان حتّى صارت اليوم واحدة من أكبر المدن المقدسة في العراق.
هناك آراء مختلفة في معنى كلمة كربلاء ، والجذر اللغوي لها ، فثمة نصوص تشير إلى انها مؤلفة من كلمتي «كرب» و «إل» بمعنى حرم الله ، الموضع الالهي المقدس ، أو المقرّب ، أو «حرم الله» (٢).
يرى البعض ان كلمة «كربلاء» منحوتة من كلمة «كور بابل» العربية ، بمعنى مجموعة قرى بابلية.
وكربلاء اسم قديم في التاريخ يقع في بلاد بين النهرين. وكانت في الماضي
__________________
(١) سفينة البحار ٢ : ١١ و ١٩٧ و ٤٧٥.
(٢) موسوعة العتبات المقدسة ٨ : ٩ وما بعدها.