حينما هجم بسر بن أرطأة على اليمن بأمر معاوية ، أسر النساء المسلمات. وكان أسر عترة النبي في عهد الحكم الأموي انتهاكا لمقدّسات الدين إلى درجة ان أحد أهل الشام طلب من يزيد أن يهبه فاطمة بنت الحسين ليتّخذها جارية ، إلّا أنّه واجه تحذيرا من زينب (١).
على الرغم من انّ يزيد سبى عيال الإمام الحسين عليهالسلام وسيّرهم من ولاية إلى اخرى بذلّة واستخفاف من أجل اشاعة الخوف لدى سائر الناس ، إلّا انّ سلالة العزّة والشرف اتّخذت من حالة «الأسر» سلاح لمقارعة الباطل ، والكشف عن الصورة الحقيقية للعدو ، وألقت الخطب والكلمات لفضحه وافشال خطّته. وكانت خطبة زينب الكبرى والإمام السجاد عليهالسلام في الكوفة والشام مثالا «للمواجهة في الأسر» ، وقد عابت زينب على يزيد سوء عمله الظالم ذاك على ما فيه من خروج على الدين وقالت :
«أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الاسارى ، انّ بنا على الله هوانا ... أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وامائك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهنّ وأبديت وجوههنّ تحدو بهنّ الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهنّ أهل المناهل والمعاقل ...» (٢).
يمكن القول إنّ الإمام الحسين عليهالسلام كانت له حسابات وتدابير دقيقة من اصطحاب النساء والاطفال معه إلى كربلاء ليكونوا من بعده رواة لمشاهد وآلام العاشر من محرّم ، وليكونوا واسطة لا يصال رسالة دماء الشهداء ، ولكي لا يتسنّى لحكومة يزيد اسدال الستار على تلك الجريمة الكبرى أو ابراز تلك القضية بشكل آخر ، ولهذا السبب حينما سأل ابن عباس الإمام الحسين عن سبب اصطحابه النساء
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ : ٣٥٣.
(٢) مقتل الحسين للمقرم : ٤٦٢.