مع الميّت كحنوط. انّ التربة التي هي مدفن الشهيد تكون وسطا ناقلا لثقافة الشهادة ومصدرا للايمان والشجاعة. والتسبيح الذي يؤدّي بمسبحة مصنوعة من هذه التربة ، له أجر مضاعف. وقد وردت عن الإمام الصادق عليهالسلام احاديث في فضيلة التسبيح بتربة الحسين (١).
اتّخذت فاطمة الزهراء عليهاالسلام من تربة حمزة سيّد الشهداء مسبحة ونظمتها في خيط ، وكانت تذكر بها التسبيحات ، وهكذا فعل الناس.
فلمّا قتل الحسين صلوات الله عليه عدل بالأمر إليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزيّة» (٢).
وجاء عن الإمام الصادق عليهالسلام في فضيلة التسبيح بالتربة : «من كانت معه سبحة من طين قبر الحسين عليهالسلام كتب مسبّحا وإن لم يسبّح بها» (٣).
قال الإمام الكاظم عليهالسلام : «لا يستغني شيعتنا عن أربع ... وسبحة من طين قبر الحسين فيها ثلاث وثلاثون حبّة ...» (٤).
ان المسبحة من طين قبر الحسين هي بمثابة قصيدة مكوّنة من مائة بيت ، كلّ مصطلحاتها عاشوراء ، تسبّح حباتها مع ذكر الذاكر ، ويفوح منها عطر الشهادة ، ومحبّو كربلاء يتجاوبون مع مضمون هذه القصيدة المقدّسة ، تؤنسهم ايقاعاتها المتكوّنة من : الله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله. وحبّات هذه المسبحة جواهر منتقاة من تراب شارع المحبّة ، تشعّ نورا يتصاعد منها إلى الملكوت. واصحاب القلوب ذات الآفاق المترامية يغسلون بالدموع جوهر التربة في ساحل المحبّة ، ويمطرون عليها من زمزم مدامعهم. وهذا هو السرّ في اشراقة وسطوع «تربة الحسين» على الدوام. وهذا هو سرّ فضل المسبحة الطينية على حبّات الياقوت ،
__________________
(١) بحار الانوار ٩٨ : ١٣٣.
(٢) بحار الانوار ٨٢ : ٣٣٣.
(٣) نفس المصدر : ٣٤٠.
(٤) نفس المصدر ، وفي المزار للشيخ المفيد : ١٥٢ ، جاء ذكر ٣٤ حبّة.