نختار العيش بعدك (١).
ولمّا سقط مسلم بن عوسجة على الأرض أوصى حبيب بن مظاهر في آخر لحظات حياته : اوصيك ان تقاتل دون الإمام الحسين حتّى تموت (٢).
ووقف بعض أصحاب الإمام الحسين ظهيرة يوم عاشوراء ـ عند ما وقف لصلاة الظهر ـ يقونه سهام العدو بصدورهم. وخاض العباس نهر الفرات بشفاه عطشى ، ولما اراد تناول الماء تذكّر عطش الحسين والاطفال فلم يشرب منه وقال لنفسه : أتشربين الماء والحسين عطشان وهو على مشارف الموت؟ (٣)
ورمت زينب بنفسها في الخيمة المشتعلة بالنار لإنقاذ الإمام السجاد منها. وحينما صدر الامر في مجلس يزيد بقتل الإمام السجّاد فدته زينب بنفسها.
وهناك أيضا عشرات المشاهد الاخرى التي يعتبر كل واحد منها أروع من الآخر ، وهو ممّا يعطي درس الايثار للاحرار ، فاذا كان المرء على استعداد للتضحية بنفسه في سبيل شخص آخر أو في سبيل العقيدة فهذا دليل على عمق إيمانه بالآخرة والجنّة وبالثواب الإلهي ، قال الإمام الحسين في بداية مسيره إلى كربلاء : «من كان باذلا فينا مهجته ... فليرحل معنا» (٤).
وهذه الثقافة نفسها هي التي دفعت بفتى كالقاسم لأن يخاطب الحسين في يوم عاشوراء قائلا : «روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء» (٥).
كما اشارت زيارة عاشوراء إلى صفة الايثار عند أصحاب الحسين فوصفتهم بالقول : «الّذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليهالسلام» (٦).
ـ التحرر ، طلب الشهادة ، دروس من عاشوراء
__________________
(١) موسوعة كلمات الإمام الحسين : ٣٩٧ و ٤٦٧.
(٢) بحار الانوار ٤٥ : ٢٠.
(٣) نفس المصدر : ٤١.
(٤) بحار الانوار ٤٤ : ٣٦٦.
(٥) موسوعة كلمات الإمام الحسين : ٣٩٧ و ٤٦٧.
(٦) بحار الانوار ٩٨ : ٢٩٣ و ٢٩٦ ، مفاتيح الجنان ، زيارة عاشوراء.